السيرة الغيرية
الشكل الآخر من
أشكال السيرة، وفيه يتطوّع الراوي السيري الغيري لرواية حياة إبداعية في مجال حيوي
ومعرفي معيّن، لشخصية منتخبة يعتقد بأهميتها وضرورتها وخطورتها فضلاً عن صلاحيتها
للتقديم، فيذهب إلى قراءة الشخصية قراءة مستفيضة وحشد كل ما هو ممكن من معلومات
حولها، وصولاً إلى خلق إحساس عال بها يساعده في تلمّس خفاياها والكشف عن باطنيتها،
على أن لا تتحوّل الشخصيّة إلى أنموذج ضاغط يبعد الراوي عن الروح الموضوعيّة
للسرد، إذ يتوجّب أن يكون عنصر التوازن والشفافية في مقدمة العناصر المشتغلة
والفاعلة في مسيرة البناء السيري الغيري.
وللراوي الحريّة في
التلاعب بالأزمنة والأمكنة واستثمار تقانات الاسترجاع والاستباق والعرض، على النحو
الذي يناسب الشخصية والحقل الإنساني والمعرفي الذي تميّزت به، وطبيعة الأسلوبية
السردية المستجيبة لآفاقها.
ومن هنا تتضح تماماً
الفروق الأساسية والجوهرية بين فنّي السير "الذاتي والموضوعي"، على
مستوى استخدام الضمير، وطريقة معالجة الحادثة السيرية، وحسّاسية الانتماء إليها،
فضلاً عن التباين في أسلوبية البناء السيري وأنماط السرد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق