بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

ابن سينا

ابن سينا
    هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عالم وطبيب مسلم من بخارى، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما. ولد في قرية أفشنة بالقرب من بخارى (في أوزبكستان حالياً) من أب من مدينة بلخ (في أفغانستان حالياً) وأم قروية. ولد سنة 370 هـ (980م) وتوفي في مدينة همدان (في إيران حاليا) سنة 427 هـ (1037م). عُرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى. وقد ألّف 200 كتاب في مواضيع مختلفة، العديد منها يركّز على الفلسفة والطب. ويعد ابن سينا من أول من كتب عن الطبّ في العالم ولقد اتبع نهج أو أسلوب أبقراط وجالينوس. وأشهر أعماله كتاب القانون في الطب الذي ظل لسبعة قرون متوالية المرجع الرئيسي في علم الطب، وبقي كتابه (القانون في الطب) العمدة في تعليم هذا الفنِّ حتى أواسط القرن السابع عشر في جامعات أوربا [1] ويُعد ابن سينا أوَّل من وصف التهاب السَّحايا الأوَّليِّ وصفًا صحيحًا، ووصف أسباب اليرقان [2]، ووصف أعراض حصى المثانة، وانتبه إلى أثر المعالجة النفسانية في الشفاء [3]. وكتاب كتاب الشفاء.

تعريف السيرة الغيرية‏




الشكل الآخر من أشكال السيرة، وفيه يتطوّع الراوي السيري الغيري لرواية حياة إبداعية في مجال حيوي ومعرفي معيّن، لشخصية منتخبة يعتقد بأهميتها وضرورتها وخطورتها فضلاً عن صلاحيتها للتقديم، فيذهب إلى قراءة الشخصية قراءة مستفيضة وحشد كل ما هو ممكن من معلومات حولها، وصولاً إلى خلق إحساس عال بها يساعده في تلمّس خفاياها والكشف عن باطنيتها، على أن لا تتحوّل الشخصيّة إلى أنموذج ضاغط يبعد الراوي عن الروح الموضوعيّة للسرد، إذ يتوجّب أن يكون عنصر التوازن والشفافية في مقدمة العناصر المشتغلة والفاعلة في مسيرة البناء السيري الغيري.‏
وللراوي الحريّة في التلاعب بالأزمنة والأمكنة واستثمار تقانات الاسترجاع والاستباق والعرض، على النحو الذي يناسب الشخصية والحقل الإنساني والمعرفي الذي تميّزت به، وطبيعة الأسلوبية السردية المستجيبة لآفاقها.‏
ومن هنا تتضح تماماً الفروق الأساسية والجوهرية بين فنّي السير "الذاتي والموضوعي"، على مستوى استخدام الضمير، وطريقة معالجة الحادثة السيرية، وحسّاسية الانتماء إليها، فضلاً عن التباين في أسلوبية البناء السيري وأنماط السرد.‏

مفهوم الــــواجــــب

الــــواجــــب
 
تقديم للمفهوم:
       يشكل الواجب أمرا أخلاقيا ملزما لكل الناس بما ينبغي عليهم القيام به، إلا أن ما يجب على الإنسان قد يقوم به بشكل حر وإرادي ملتزما بأدائه، وواعيا بما سيحققه من نفع لنفسه ولغيره، كما قد تتدخل سلطة خارجية ما تلزمه وتكرهه على الخضوع للواجب بدلالاته الواسعة، بالنظر إلى الأبعاد النفسية والسوسيو  -ثقافية والسياسية والاقتصادية التي تطبع هذا الواجب لارتباطه   كفعل  -   بالبنى الاجتماعية والمؤسساتية والقيمية؛ كما أن احترام الواجب يتطلب نوعا من الوعي الأخلاقي سواء كان هذا الوعي فطريا أو مكتسبا.
       إذا كان مفهوم الواجب إذن، يدل على ما ينبغي القيام به، فإن هذه الإلزامية تطرح إشكالات ترتبط بعلاقة الواجب بالحرية والإرادة من جهة، وبشروط الوعي الأخلاقي وما وما يمارسه من سلطة القهر من جهة أخرى، بالإضافة إلى ارتباط الواجب بسلطة المجتمع أيضا.
المحور الأول: الواجب والإكراه
-         هل يصدر الواجب كأمر أخلاقي، عن إرادة الإنسان الحرة؟ أم أنه فعل خاضع للضرورة والإكراه؟
تحليل تصور الفيلسوف الألماني إمانويل كانط (1724-1804)
ينقسم الأمر الأخلاقي المؤسس على العقل إلى أوامر أخلاقية شرطية تتوخى بلوغ مقاصد ونتائج معينة، وأوامر أخلاقية قطعية غير مشروطة بأي ميول أو نتائج؛ والواجب الأخلاقي   -   حسب كانط   - أمر قطعي يصدر عن سلطة العقل والإرادة الحرة الخيرة التي لا تخضع للإشراطات الخارجية والميولات الذاتية بشكل يجعل الواجب إكراها ذاتيا حرا، تلعب فيه الذات دور تشريع القاعدة الأخلاقية انطلاقا من الأوامر القطعية المؤسسة على العقل، والتي تستدعي التصرف وفق قانون كوني تشرعه الذات الفاعلة في تعاملها مع ذاتها ومع الآخرين - دائما وأبدا- كغاية لا كمجرد وسيلة لبلوغ أهداف أخرى.
تحليل تصور الفيلسوف الإنجليزي ديفيد هيوم (1711-1776)
يرى هيوم أن الأخلاق لا تنبع من العقل، بل تنبع من الشعور؛ فالعقل وحده غير قادر على أن يكون سببا مباشرا ووحيدا لانفعالنا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك قائلا: "إن العقل وحده يجب أن يكون عبدا تابعا للعواطف، ولا يجب أن يقوم بعمل آخر أكثر من خدمة وإطاعة العواطف".
لقد ميز هيوم بين صنفين من الأخلاق، الصنف الأول عبارة عن واجبات أخلاقية مصدرها العاطفة Passion، أو ما يسميه "بالحاسة الخلقية Moral" التي تعتبر قوة داخلية في الفرد تدفعه نحو فعل معين من خلال اللذة التي يحققها الشخص، أو أنها تنفره منه بما يولده في الفرد من إحساس بالألم؛ وبالتالي فما يحقق اللذة فهو فضيلة، وما يحقق الألم فهو رذيلة. على هذا الأساس يصبح الواجب الأخلاقي التزاما ذاتيا عاطفيا؛ أما الصنف الثاني من الواجب، هو ما يصدر عن الإحساس بالإلزام تجاه الضرورات والواجبات الاجتماعية التي تفرض سلطتها على الناس في مراقبة الفرد لغرائزه بالاعتماد على التجربة والتفكير، محققة من خلال هذا الإكراه توازن المجتمع واستمراريته.
استنتاج وتركيب للمحور:
نستنتج من خلال تحليل التصورات السابقة أن الواجب إكراه ذاتي يجمع بين الإلزام والالتزام؛ تقوم به الذات الإنسانية إما احتراما للقانون الأخلاقي الذي شرعته بناء على إخضاع الإرادة للعقل (كانط)، أو إخضاع العقل للعاطفة (هيوم). كما أن إخضاع التصرفات لقاعدة أخلاقية عقلية غير مشروطة بحسابات براغماتية Pragmatique سوسيو-اقتصادية أو سياسية أو سيكولوجية، وحده السبيل إلى جعل الأخلاق الإنسانية كونية وموحدة، منبعها الإرادة الخيرة التي يتعامل من خلالها الفرد مع ذاته وغيره، كغاية لا كوسيلة يحقق بها أهدافه ومصالحه.
المحور الثاني: الوعي الأخلاقي
-         ما علاقة الواجب بالوعي الأخلاقي؟
-        هل الواجب باعتباره وعيا أخلاقيا، مصدره الذات المشرعة الحرة؟ أم أنه يرجع إلى محددات سيكولوجية وسوسيو  -ثقافية؟
-         إلى أي حد يمكن اعتبار الوعي الأخلاقي تعبيرا عن شروط الوجود الاجتماعية؟
تحليل تصور سيغموند فرويد
يؤكد سيغموند فرويد على أهمية العوامل النفسية اللاشعورية المرتبطة بالممنوعات التي رسختها الثقافة ضدا عن الغرائز التي تهدد الحضارة الإنسانية بالأفول، إذ ليس الوعي الأخلاقي كيانا فطريا داخليا ومستقلا، بل هو جزء لا يتجزأ من محددات البنية النفسية للفرد، حيث يشكل بالضبط إحدى وظائف جهاز الأنا الأعلى المتمثلة في مراقبة الأنا، انطلاقا مما ترسخ فيها (الأنا الأعلى) من قيم ومثل وقواعد أخلاقية غرستها الجماعة في ضمير الفرد؛ وهو ما يعبر عنه فرويد في قوله: "إن الإحساس بالذنب وقسوة الأنا الأعلى وصرامة الضمير الأخلاقي، كلها شيء واحد. إن الإحساس بالذنب هو تعبير عن إدراك الأنا لكونه خاضعا للمراقبة من طرف الأنا الأعلى".
تصور الفيلسوف الألماني إمانويل كانط
       الواجب فعل إلزامي وإكراهي، تقوم به الذات احتراما للقانون الأخلاقي الذي شرعته ليصير وعيا أخلاقيا، بناء على إخضاع الإرادة للعقل، وإخضاع التصرفات لقاعدة أخلاقية كونية منبعها الإرادة الخيرة التي تعتبر مصدرا لكل وعي يتجسد على شكل سلوكات وأفعال باعتبارها خضوعا للتصور الذي كونته كل ذات عن طريق "العقل المحض". كما أن خضوع الذات للوعي الأخلاقي في أبعاده العقلية الخالصة، لا ينظر إليه في هذه الحال إلا باحترام وإجلال كبيرين جدا، وفي هذا السياق يقول كانط: "أيها الواجب   !   أيها الإسم السامي الكبير  !   أنت الذي يستدعي خضوعنا...أنت الذي يقرر فقط قانونا يجد في ذاته منفذا إلى أعماق نفوسنا   ! أنت الذي يكتسب من ذاته رغما عنا إجلالنا، ذلك الإجلال الذي تنمحي أمامه كل نوازعنا وانحرافاتنا رغم كونها تعمل ضده بخفاء"[1]
استنتاج وتركيب:
       ما مصدر الوعي الأخلاقي؟
       إن الوعي الأخلاقي بما هو خاصية تسمح للعقل الإنساني أن يصدر أحكاما معيارية عفوية على القيمة الأخلاقية لبعض الأفعال الفردية عندما يتعلق هذا الوعي بما سيصدر عن الذات من أفعال مستقبلية، فإنه يتحول إلى صوت يأمر وينهى؛ أما إذا تعلق الأمر بالأفعال المادية، فإنه يأخذ شكل إحساسات وميولات.
       إن محاولة تحديد مصدر الوعي الأخلاقي، تجعلنا نقر انطلاقا من بعض التصورات العقلانية الأخلاقية، أنه لا تناقض بين العقل والأخلاق، باعتبار أن الإنسان لا يمكن أن يتجاوز نزواته الغريزية الذاتية، إلا حينما يتشكل لديه وعي أخلاقي ذو مصدر عقلي يسمو بالإنسانية نحو الكونية التي تنتفي معها مختلف الصراعات والنزاعات التي يمكن أن تحد من فاعلية الإنسان العقلية والأخلاقية.
المحور الثالث: الواجب والمجتمع
إن الواجب بما هو تجربة وصيرورة طويلة أثثت لتشكل الأخلاق عند الإنسان، معبرة عن التزام اجتماعي ووجودي بمجموعة من القيم والمعايير العامة والخاصة في نفس الآن؛ عامة من حيث ارتباط بعض جوانبها بالعقل، وخاصة من حيث محايثتها للمجتمع بخصوصياته السوسيو  -ثقافية والاقتصادية والسياسية. فكيف إذن يعيش الفرد التجربة الأخلاقية؟ هل هي تجربة مستقلة عن المجتمع؟ أم أن الواجب الأخلاقي لا دلالة له، وسيبقى دوغمائيا ما لم يرتكز على القيم التي تحددها سلطة المجتمع؟
تحليل تصور عالم الاجتماع إميل دوركايم(1858-1917)
يمارس المجتمع نوعا من القهر والجبر على الأفراد الذين ينتمون إليه، حيث إنه يرسم لهم معالم الامتثال للواجب الأخلاقي باعتباره الغاية الأسمى التي تهدف إلى استمرار النظام والتوازن الاجتماعيين.
       يسلب الواجب الأخلاقي وعي وإرادة الأفراد، لأنه لا يعبر عن سلطة فردية، لكونه نتاج ضمير ووعي جمعيين؛ وبالتالي فإن الأفراد   -باعتبارهم أعضاء في مجتمع  -   حينما يتصرفون تصرفا أخلاقيا، فإنهم لا يسلكون إلا بمقتضى القواعد الأخلاقية ذات الطبيعة الإلزامية والإكراهية، يتصف بها الواجب باعتباره ظاهرة اجتماعية بامتياز. فإرادة المجتمع تتجاوز وتفوق إرادة الأفراد، لاعتبار واحد هو أن الإنسان   -حسب دوركايم  - لا يمكن أن يكون إنسانا إلا بانتمائه إلى مجتمع محدد.
استثمار تصور الفيلسوف فريدريك إنجلز (1820-1895)
       يعتبر فريدريك إنجلز صديقا لكارل ماركس، ساهما معا في وضع مرتكزات وأسس الفكر الماركسي، مخصصا الجزء الأكبر من مسار حياته الفكرية في دراسة بعض الإشكاليات الأخلاقية وعلاقتها بالبنى السوسيولوجية وما يرتبط منها بالتقسيم الطبقي الذي تمخض عن تطور النظام الرأسمالي.
       لا يمكن الحديث بشكل نهائي عن دور الأخلاق إن لم تكن بالضرورة مطابقة للتطور الاقتصادي الخاص بكل مجتمع، فتطور النظام الرأسمالي مثلا، أفرز تقسيما طبقيا يتشكل من البروليتاريا والبورجوازية، باعتبارهما طبقتان تعكسان أهم تناقض سوسيولوجي من حيث ملكية وسائل الإنتاج. فالطبقة البورجوازية تملك مؤسسات اقتصادية صناعية، والبروليتاريا التي لا تملك إلا قوة عملها، وبالتالي فهي تضطر إلى بيعها بأجرة زهيدة تزيد من بؤسها، على عكس البورجوازية التي تزيد في غناها من خلال استلابها واستغلالها المكثفين للعمال.
       في هذا السياق ينبغي فهم العلاقة بين الواجب الأخلاقي والمجتمع؛ فالأخلاق هي أخلاق طبقية تترجم الصراع الطبقي، لتبرر هيمنة واستغلال الطبقة المسيطرة فقط. على هذا الأساس فإنه لا يمكن رفع أخلاق طوباوية ودوغمائية لا علاقة لها بالواقع المادي، وفرضها على أفراد دولة تغيب فيها العدالة الاجتماعية؛ فالطبقة العاملة لها أخلاق تختلف -بالقوة والفعل- عن أخلاق البورجوازية، ولا يمكن أن تصير في يوم من الأيام موحدة ما لم تحقق الطبقة البروليتارية المستغَلة ثورة على الطبقة المستغلة، فيتم قلب النظام الرأسمالي بنظام آخر اشتراكي شيوعي.
استنتاج وتركيب:
       إذا كانت غاية القيام بالواجب في الفلسفة الأخلاقية هي الواجب ذاته، فإن الأمر معاكس تماما حينما نقارب الواجب الأخلاقي من منظور سوسيولوجي، حيث تتحدد دلالاته انطلاقا من رغبات الأفراد وإرادتهم، لتصير في الوقت نفسه إرادة المجتمع، تقهر وعي الأفراد فتجعلهم ملزمين بالقيام بالواجب بنوع من الترهيب أو الترغيب الاجتماعيين. نفس الشيء قد يقال عن بعض المذاهب الفلسفية الوجودية حينما اعتبرت الإنسان مشروعا، بمعنى أنه حر في الاختيار؛ لكنها رغم ذلك قيدت تلك الحرية لاعتبار واحد، هو أنه يجب لاختيارات الفرد أن ترتبط بالناس الآخرين وبالإنسانية جمعاء؛ فعندما أختار لنفسي فإنني يجب أن أكون مسؤولا عن اختياري تجاه ذاتي ومجتمعي أيضا.