بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

بـيـن عـالـميـة الإسـلام والعـولـمـة



بـيـن عـالـميـة الإسـلام والعـولـمـة

الدكتور صالح الرقب
أستاذ مشارك- قسم العقيدة
كلية أصول الدين- الجامعة الإسلامية

مقدم لمؤتمر التربية الأول بعنوان
"التربية في فلسطين ومتغيرات العصر"






1425هـ - 2004م






بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ملخص البـحـث
       هذا البحث يتضمن:تعريف العولمة لغة واصطلاحا وأهدافها الثقافية والاقتصادية والاجتماعبة والدينية، ومعنى العالمية لغة واصطلاحا، بيان أنّ الإسلام رسالة عالمية، والسمات الرئيسة للعولمة. وتوضيح أخطار آثار وسلبيات العولمة في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، وبيان رحمة الإسلام للعالمين في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، وأوجه الخلاف بين خصائص وسمات العولمة والعالمية..حيث يوجد فرق كبير بين مفهوم العالمية ومضمونها الذي جاء به الإسلام، ومفهوم العولمة ومضمونها التي يدعو إليها اليوم الغرب عامة، وأمريكا خاصة. ثمّ للعولمة تصورات ومظاهر وتجليات وآليات عالمية، وللإسلام رؤى وتصورات عالمية تتعلق بالإنسان والكون والحياة، ولا يمكن أن تتطابق المنطلقات والتوجهات في الحالتين، وأيضا يوجد خلاف بين مجموعة القيم المحركة لكل منها. فبينما تقوم عالمية الإسلام على ردّ العالمية لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة، وتحترم خصوصيته وتفرد الشعوب والثقافات المحلية، ترتكز العولمة:على عملية نفي أو استبعاد لثقافات الأمم والشعوب، ومحاولة فرض ثقافة واحدة وتصورات واحدة لدولة تمتلك القوة المادية، وتهدف إلى تحقيق مكاسب خاصة لا منافع للبشر.

Abstract
This research involves defining globalization and stating its economic, social, cultural, and religious aims and its characteristic features. The research also defines universality and stating that Islam is a universal religion sent to all humanity. The research aims to point out to the negative effects of globalization in all aspects of human life and equally showing that Islam came to spread mercy and compassion to all human beings in all life facets. It also highlights characteristic differences between globalization and universality in that there is a big difference between the meaning and conception of universality which Islam holds and the meaning and conception of globalization. There is a major difference in the universality of Islam and that of globalization as the latter has perceptions, manifestations and international mechanisms, whereas Islam has visions, global perceptions related to man, the universe and life.




المقدمة...

         إنّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله e تسليماً، وبعد...
         فلقد أصبح المسلمون اليوم كماً مهملاً، ليس لهم وزن ولا اعتبار، ولا شأن لهم بين الأمم والشعوب، يتعرضون للذل والهوان والضياع، يستفتى أعداؤهم في رسم حاضرهم ومستقبلهم، بل ويصنع هذا الغير حاضرهم ومستقبلهم، وسبب ذلك تخلي المسلمين عن مصدر القوة والعزة والسيادة والكرامة، تخليهم عن الإسلام رسالة ومنهجاً ونظاماً للحياة، ولقد تعرض المسلمون إلى حملة ظالمة من قبل الغرب الصليبي والحقد اليهودي، استهدفت تلك الحملة فكر الأمة الإسلامية، وعقلها وقلبها، حملة فكرية تناولت حرمات عقيدة الأمة ورسالتها في الحياة، كما تناولت مقدسات أخلاقها وقيمها الدينية الأصيلة، بالهدم والتقويض، والتشويه وإثارة الشبهات والشكوك. وأخيراً ظهرت العولمة الأمريكية الرأسمالية ذات النزعة الاستعمارية. هـذه العولمة التي تسـتهدف هيمنة دولة واحدة- الولايات المتحدة الأمريكية-على دول العالم أجمع.
الهدف من البحث: يهدف هذا البحث إلى بيان وجود فرق كبير بين مضمون العالمية ومفهومها الذي جاء به الإسلام، ومضمون العولمة ومفهومها التي تسعى أمريكا فرضها في العالم. ثمّ بيان تصورات العولمة ومظاهرها، ورؤى وتصورات عالمية الإسلام التي تتعلق بالإنسان والكون والحياة، وإثبات وجود خلاف بين منطلقات العولمة ومنطلقات الإسلام، وبين مجموعة القيم المحركة لكل منها. وإظهار سمات عالمية الإسلام.
منهج البحث:اعتمد الباحث المنهج الوصفي والتحليلي، ثم النقدي، وذلك بجمع المادة العلمية في القضية موضع البحث، ثمّ محاولة تحليلها، ومناقشتها ونقدها، ومن ثمّ الوصول إلى النتائج المرجوة. وقد قسّمت البحث إلى مقدمة، وعدة مطالب، وخاتمة ذكرت فيها أهم النتائج التي استخلصتها من هذا البحث.
وهذا البحث يتضمن ما يلي: تعريف العولمة لغة واصطلاحا، بيان أنّ الإسلام رسالة عالمية، السمات الرئيسة للعولمة، بيان أهداف وسلبيات العولمة في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، بيان رحمة الإسلام للعالمين في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، بيان أوجه الخلاف بين خصائص وسمات العولمة والعالمية.
المطلب الأول:أدلة عالمية الإسلام:

أولاً: من القرآن الكريم:

أ-النصوص الصريحة: قوله تعالى:(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) الفرقان:1. وقوله تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) سـبأ:28. وقوله تعالى:(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) الأعراف:158. وقوله تعالى:( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)آل عمران:85. وقوله تعالى عن القرآن الكريم الذي أوحاه للنبيe:(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ)الأنعام:90. (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) الفرقان:1.(وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) القلم:52.(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) صّ:88-87.
ب-الأدلة العقلية:
أ- دعوة غير العرب: جاء في القرآن الكريم دعوة الكفار سواءُ كانوا من العرب أو غير العرب، من:المشركين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى إلى الإسلام الذي جاء به محمد e وبيّن لهم أن الدين الحق الذي هو الإسلام لا يقبل الله تعالى سواه، قال تعالى:(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران:85. وقد تجاوزت رسالة نبينا محمد e اليهود والنصارى إلى جميع الناس، كما لم تقتصر على عالم الإنس، بل تعدت ذلك إلى عالم الجن، يقول تعالى:(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً) الجـن:1، ويقول تعالى:(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)الأحقاف:29
ب- النداءات العامة في القرآن الكريم: إنّ القرآن الكريم كثيراً ما يوجه النداء والخطاب إلى الناس غير مقيد بشيء، وهذا دليل واضح على أن توجيهاته تعمّ النّاس جميعا، وهذا دليل على أن الإسلام لجميع البشر بل للإنس والجن. وأمثلة ذلك قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة:21، وقوله:)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)النساء:1، وقوله:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)النساء:170، وقوله:(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)الأعراف:158.
ج- عالمية التشريعات والأحكام القرآنية: لمّا كانت رسالة الإسلام عالمية فإنه يعتمد في جميع أحكامه وتشريعاته وأنظمته على طبيعة الإنسان التي يتساوى فيها الناس جميعا، ومن هنا فلن يجد فيها المرء أي طابع إقليمي، أو طائفي، إنّها العالمية التي تناسب الإنسان وفطرته وطبيعته. وتناسب أوضاعه المعيشية في كل زمان ومكان.يقول الله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) النساء:58.
5- محاربة القرآن الكريم لدعاوى التفرقة بين الناس: إنّ الإسلام بمبادئه حارب النـزاعات الإقليمية والطائفية، فالإسلام لا يفرق بين أبيض وأسود ولا بين جنس وآخر، بل ينبذ العنصرية والطائفية، والمعيار الوحيد للتفاضل بين الناس هو التقوى، قال تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات:13.

ثانياً:من السنة النبوية المطهرة:

أ- قوله e موجها الخطاب إلى قومه:"والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة ".([1])
ب- إرسالهe السفراء إلى جميع الزعماء والملوك، فبعث سفراءه يحملون كتبه إلى قيصر الروم، وكسرى فارس، وعظيم القبط، وملك الحبشة، والحارث بن أبي شمرا الغساني ملك تخوم. وبعث الرسل ومعهم الكتب منهe إلى الملوك والأمراء دليل قاطع على عالمية رسالة الإسلام التي جاء بها e.([2])
3- ما روى جابر رضي الله عنه عن رسول الله e أنه قال:" ثم أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة".([3])
4- إخباره بأنه رحمة مهداة للناس:روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله e قال:"ثم يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة ".([4])
5- ما أخبر به e أنه سيد الناس جميعا، روى عنه أبو هريرة رضي الله عنه فقال:قال رسول الله e:"أنا سيد ولد آدم ولا فخر".([5])

المطلب الثاني:معنى العولمة:

 العولمة لغة:-

        العولمة ثلاثي مزيد، يقال: عولمة على وزن فوعلة، مشتق من كلمة العالَم، كما يقال:قولبة، اشتقاقا من كلمة قَالَب، إذاً كلمة "العولمة " نسبة إلى العَالم- بفتح العين- أي الكون، وليس إلى العِلم -بكسر العين- والعالم جمع لا مفرد له كالجيش والنفر، وهو مشتق من العلامة على ما قيل، وقيل: مشتق من العِلم، وذلك على تفصيل مذكور في كتب اللغة. وهذه الكلمة بهذه الصيغة الصرفية لم ترد في كلام العرب، والحاجة المعاصرة قد تفرض استعمالها، وهي تدل على تحويل الشيء إلى وضعية أخرى ومعناها: وضع الشيء على مستوى العالم، وأصبحت الكلمة دارجة على ألسنة الكتاب والمفكرين في أنحاء الوطن العربي.(الجابري1998: 135، الدجاني، 1998 :13، حجازي، 2001 :87).         
     ومن خلال المعنى اللغوي يمكننا أن نقول بأنّ العولمة إذا صدرت من بلد أو جماعة فإنها تعني: تعميم نمط من الأنماط التي تخص ذلك البلد أو تلك الجماعة، وجعله يشمل الجميع أي العالم كله.(الجابري، 1998: 136-127).

العولمة اصطلاحاً:

         إنّ كلمة العولمة جديدة، وهي مصطلح حديث لم يدخل بعد في القواميس السياسية والاقتصادية. ولقد ظهرت العولمة أولاً كمصطلح في مجال التجارة والمال والاقتصاد ثم أخذ يجري الحديث عنها بوصفها نظاماً أو نسقاُ أو حالة ذات أبعاد متعددة، تتجاوز دائرة الاقتصـاد، فتشـمل إلى جانب ذلك المبادلات والاتصال والسياسة والفكر والتربية والاجتماع والأيديولوجيا.( الجابري، 1998: 136-137)
        وقد أطلق على العولمة بعض الكتاب والمفكرين "النظام العالمي الجديد" وهذا المصطلح استخدمه الرئيس الأمريكي جورج بوش-الأب- في خطاب وجهه للأمة الأمريكية بمناسبة إرساله القوات الأمريكية إلى الخليج (بعد أسبوع واحد من نشوب الأزمة في أغسطس 1990م) وفي معرض حديثه عن هذا القرار, تحدّث عن فكرة:عصر جديد، وحقبة للحرية، وزمن للسلام لكل الشعوب. وبعد ذلك بأقل من شهر أشار إلى إقامة نظام عالمي جديد يكون متحرراً من الإرهاب, وأكثر أمناً في طلب السلام, عصر تستطيع فيه كل أمم العالم أن تنعم بالرخاء وتعيش في تناغم.(رجب، 13/10/2000)
      والنظام العالمي الجديد:هو في حقيقة أمره وطبيعة أهدافه، نظامٌ صاغته قُوى الهيمنة والسيطرة الغربية لإحداث نمط سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وإعلامي واحد وفرضه على المجتمعات الإنسانية كافة، وإلزام الحكومات بالتقيّد به وتطبيقه.(التويجري:2002).   
      ولقد كثرت التعاريف التي توضح معنى العولمة، نذكر هنا بعضاً منها، ثمّ اذكر التعريف الذي أرى أنّه يعبر عن المعنى الحقيقي لظاهرة العولمة.
      يقول جيمس روزانو أحد علماء السياسة الأمريكيين عن العولـمة: "إنّها العلاقة بين مستويات متعددة لتحليل الاقتصاد والسياسة والثقافة والأيدولوجيا، وتشمل: إعادة الإنتاج، وتداخل الصناعات عبر الحدود وانتشار أسواق التمويل، وتماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول نتيجة الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة"( شومان،1998: 40).
وصف الكاتب الأمريكي الشهير وليم جريدر العولمة "بأنها آلة عجيبة نتجت عن الثورة الصناعية والتجارية العالمية, وأنّها قادرة علي الحصاد وعلي التدمير, وأنّها تنطلق متجاهلة الحدود الدولية المعروفة, وبقدر ما هي منعشة، فهي مخيفة. فلا يوجد من يمسك بدفة قيادتها، ومن ثمّ لا يمكن التحكم في سرعتها ولا في اتجاهاتها"( جريدر:1977)
ويعرّف د. محمد عابد الجابري العولمة بقوله هي:"العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلداً بعينه هو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات على بلدان العالم أجمع" وهي أيضاً أيديولوجياً تعبر بصورة مباشرة عن إرادة الهيمنة على العالم وأمركته"(الجابري، 1998: 137). أي محاولة الولايات المتحدة إعادة تشكيل العالم وفق مصالحها الاقتصادية والسياسية، فالعولمة هي اسم للاستعمار في أشكال جديدة، وهي نوع من السيطرة الأمريكية على العالم.
       وبعد دراستي المتأنية لظاهرة العولمة وأهدافها ووسائلها وتأثيراتها في واقع المجتمعات والشعوب يمكن أن تعريف العولمة بما يلي:"العولمة هي الحالة التي تتم فيها عملية تغيير الأنماط والنظم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ومجموعة القيم والعادات السائدة وإزالة الفوارق الدينية والقومية والوطنية في إطار تدويل النظام الرأسمالي الحديث وفق الرؤية الأمريكية المهيمنة، والتي تزعم أنها سيدة الكون وحامية النظام العالمي الجديد".

المطلب الثالث:أهداف العولمة:

         لقد روَّج دعاة العولمة في الغرب وعملاؤهم في المنطقة العربية مجموعة من المقولات لصالح العولمة، ومن ذلك: أنّ العولمة تبشر بالازدهار الاقتصادي والتنمية والرفاهية لكل الأمم والعيش الرغيد للناس كلهم، والانتعاش، ونشر التقنية الحديثة، وتسهيل الحصول على المعلومات والأفكار. ولكن سرعان ما اكتشف الباحثون والمفكرون أنّ تلك المقولات ما هي إلا شعارات استهلاكية جوفاء.يقول د محمد حسن رسمي:"إنّ العولمة طوفان كاسح لن يقف في طريقها رافض أن يتفهم فكرها وفلسفتها وآلياتها، إذا كان يملك سداً منيعاً يهزم ويلاتها ويسخرها لنفسه, ونظام العولمة في حد ذاته يدعم الأقوياء، ويطحن الضعفاء، ويضحك الأصحاب، ويبكي الضعفاء، بل يمكن صنّاعها من التحكم والسيطرة، وامتلاك مقدرات ومستقبل المتفرجين المذهولين الصامتين المنتظرين لمعجزات السماء".(رسمي:2001)
         ومن الأقوال التي تؤكد المخاطر الجدية للعولمة على مقدرات الحكومات والشعوب، ما جاء في كلمة للرئيس الفرنسي جاك شيراك ألقاها بمناسبة اليوم الوطني الفرنسي(14 يوليو 2000م)، حيث قال:"إنّ العولمة بحاجة إلى ضبط، لأنّها تنتج شروخاً اجتماعيةً كبيرةً وإن كانت عاملَ تقدُّمٍ فهي تثير أيضاً مخاطر جدّية ينبغي التفكير فيها جيداً ومن هذه المخاطر ثلاثة: أولها أنها تزيد ظاهرة الإقصاء الاِجتماعي وثانيها:أنها تنمي الجريمة العالمية، وثالثها:أنها تهدد أنظمتنا الاقتصادية".(السمّاك،2001: 63)
والأهداف الحقيقية للعولمة يمكن تلخيصها فيما يلي:-

أولاً: الأهداف الاقتصادية:

         ترتبط عملية العولمة بتدويل النظام الاقتصادي الرأسمالي، حيث تمّ توحيد الكثير من أسواق الإنتاج والاستهلاك، وتمّ التدخل الأمريكي في الأوضاع الاقتصادية للدول، وخاصة دول العالم الثالث، عبر المؤسسات المالية الدولية: كصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، التي تمارس الإملاءات الاقتصادية المغايرة لمصالح الشعوب، وبالتالي تحقق العولمة لأصحابها عدة أهدف كبيرة في المجال الاقتصادي هي:-
أولاً: السيطرة على رؤوس المال العربية، واستثماراتها في الغرب فالعالم العربي الذي تتفاقم ديونه بمقدار (50) ألف دولار في الدقيقة الواحدة هو نفسه الذي تبلغ حجم استثماراته في أوروبا وحدها (465) مليار دولار عام 1995م، بعد أن كانت (670) ملياراً عام 1986م فنتيجة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والتبعية النفسية للغرب تصب هذه الأموال هناك لتدار حسب المنظومة الغربية.(الفتوح، البيان: 136)
ثانياً: الهيمنة الأمريكية على اقتصاديات العالم من خلال القضاء على سلطة وقوة الدولة الوطنية في المجال الاقتصادي، بحيث تصبح الدولة تحت رحمة صندوق النقد الدولي، حين تستجدي منه المعونة والمساعدة عبر بوابة القروض ذات الشروط المجحفة، وخاضعة لسيطرة الاحتكارات والشركات الأمريكية الكبرى على اقتصاد الدول.(أبو زعرور، 1998: 13، المبروك وآخرون، 1999م: 136). يقول رئيس وزراء ماليزيا:مهاتير محمد الذي عانت بلاده من آثار العولمة في السنوات الأخيرة:"إنّ العالم المعولم لن يكون أكثر عدلاً ومساواة. وإنّما سيخضع للدول القوية المهيمنة. وكما أدّى انهيار الحرب الباردة إلى موت وتدمير كثير من الناس، فإنّ العولمة يمكن أن تفعل الشيء نفسه، ربّما أكثر من ذلك في عالم معولم سيصبح بإمكان الدول الغنية المهيمنة فرض إرادتها على الباقين الذين لن تكون حالهم أفضل مما كانت عليه عندما كانوا مستعمرين من قبل أولئك الأغنياء"(التويجري، 2000: 19). وقال أيضاً:" كانت ماليزيا لسوء الحظ قد جربتها في الفترة الماضية ووجدتها أنّها لم تشكّل لإغناء دول العالم أجمع ومنهم الدول النامية مثلنا، لقد كنّا على وشك أن نعلن إفلاسنا الكامل بسبب نظام العالم المعولم، وكدنا أن نتحول إلى متسولين وعالة على غيرنا، وأن نقع تحت وطأة أوامر القوى الكبرى".(محمد، موقع الإسلام على الطريق) 
ثالثاً: تحقيق مصالح المجموعات الغنيّة في الدول الغربية والقوى المتحالفة معها في الدول الأخـرى علـى حسـاب شـعوب العالـم، وممّا يدل على ذلك فشل تجربة "النمور الآسيوية":ومنها إندونيسيا وماليـزيا، حيث لم تسـتطع تحقيـق المصالح الاقتصـادية المطلـوبـة لشـعوبها، إذ عملت الشركات المتعددة الجنسيات على إحداث هذا الفشل، وقام أحد المستثمرين الأجانب-أحد رموز العولمة- الملياردير "جورج سورش" باللعب في البورصة مما أدى إلى ضرب التجـارة التنمويـة وإحباطهـا.(المبروك وآخرون، 1999: 125،126، بهاء الدين،81:2000) وفي يوم 19/6/2000م عقد في القاهرة مؤتمر ضمّ الدول الخمسة عشر-أفريقية وآسيوية-من الدول النامية- أكدّ المتحدثون فيه أنّ الاقتصاد العالمي الجديد هو لصالح فئة قليلة تزيدها غنى فوق غناها، على حساب الدول الكثيرة الفقيرة، وهو يدفع الدول النامية إلى مقبرة الفقر.

ثانياً: الأهداف السياسية:-

1- فرض السيطرة السياسية الغربية على الأنظمة الحاكمة والشعوب التابعة لها، والتحكم في مركز القرار السياسي وصناعته في دول العالم لخدمة المصالح الأمريكية والقوى الصهيونية المتحكمة في السياسة الأمريكية نفسها، على حساب مصالح الشعوب وثرواتها الوطنية والقومية وثقافتها ومعتقداتها الدينية.(أبو زعرور،1998: 36) يقول جون بوتنغ رئيس المدراء التنفيذيين السابق في بنك بنسلفانيا "في العولمة نحن نقرر من الذي سيعيش ونحن نقرر من الذي سيموت".(الصوراني،2000: 80).
    إنّ العولمة الأمريكية الصهيونية تخطط للتدخل العسكري وإعلان الحرب في أية بقعة من العالم، تفكر بالخروج على سيطرتها وتحكمها لأنّ العالم يراد له أن يقع تحت براثن الاستبداد الأمريكي والقانون الأمريكي والقوة العسكرية الأمريكية. وهو أمر يكشفه تقريران خطيران كانا سريين للغاية، ثم نُشرا بعد ذلك، وهما تقريرا "جريميا وولفوفتيز"(شفيق، 1992: 18-22).  ولا شك في أنّ نصيب العالم الإسلامي- في أفغانستان، وفلسطين والعراق- قد كان كبيراً في ضوء تلك السياسة الأمريكية الظالمة.يقول صموئيل هنتنغتون:"إنّ الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بحاجة ماسّة إلى عدو جديد يوحد دوله وشعوبه، وأنّ الحرب لن تتوقف، حتى لو سكت السلاح وأُبرمت المعاهدات، ذلك أن حرباً حضاريةً قادمةً ستستمر بين المعسكر الغربي الذي تتزعمه أمريكا وطرف آخر، قد يكون عالم الإسلام أو الصين"(خليل، يناير 2002).
2- إضعاف فاعلية المنظمات والتجمعات السياسية الإقليمية والدولية والعمل على تغييبها الكامل كقوى مؤثرة في الساحة العالمية والإقليمية ومن ذلك: منظمة الدول الأمريكية، ومنظمة الوحدة الأفريقية، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمتابع لنشاطات هذه المنظمات يلاحظ أنها لا تستطيع اتخاذ أي موقف تجاه القضايا السياسية المعاصرة، وتجاه الأحداث الجارية مثل قضايا:فلسطين،والبوسنة والهرسك، وكشمير وألبان كوسوفو، والشيشان، والعراق.(قنان، فبراير 1994)
     جاء في خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش-الابن- عن حال الاتحاد اليهودي المسيحي في 29 يناير عام 2002م: "نعتبر جميع المنظمات الدولية التي تعارض أيّ هدف يتعلق بالمصلحة الوطنية الأمريكية الإسرائيلية(غير ذي صلة) ويشمل هذا منظمات: كالأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، التي يجب في اعتقادي أن يتم حلّها فوراً، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والفاتيكان، وجميع المنظمات الإسلامية".
3- إضعاف سلطة الدولة الوطنية، أو إلغاء دورها وتقليل فاعليتها، وقتل روح الانتماء في نفوس أبنائها، فالعولمة نظام يقفز على الدولة والوطن والأمة، واستبدال ذلك بالإنسانية، إنّها نظام يفتح الحدود أمام الشبكات الإعلامية، والشركات المتعددة الجنسيات.(الجابري، 1998 :145،147-148، بهاء الدين:157-158)  ويزيل الحواجز التي تقف حائلاً دون الثقافة الرأسمالية المادية والغزو الفكري، الذي يستهدف تفتيت وحدة الأمة، وإثارة النعرات الطائفية، وإثارة الحروب والفتن داخل الدولة الواحدة، كما في السودان. يقول ريتشارد كاردز المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية:"إنّ تجاوز السيادة الوطنية للدول قطعة قطعة يوصلنا إلى النظام العالمي بصورة أسرع من الهجوم التقليدي".(خليل، مصدر سابق).
4- إضعاف دور الأحزاب السياسية في التأثير في الحياة السياسية في كثير من دول العالم -خاصة الدول الإسلامية- في الوقت التي بدأت فيه المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية تمارس دوراً متزايداً في الحياة السياسية.(بهاء الدين،2000: 79-80)
5- إحداث تجزئة داخلية في كل بلد عربي أو إسلامي، حتى ينشغلوا بأنفسهم وينسوا تماماً أنهم أمة عربية واحدة، ينتمون إلى جامعة إسلامية واحدة. وهذا معناه بعثرة الشعوب المسلمة وتفرقها، والقضاء على مقومات الوحدة والتضامن الإسلامي، وتفريغ المنظمات والتجمعات الإسلامية من مضامينها الحقيقية حتى تبقى عاجزة عن تحقيق آمال وأماني المسلمين ولتصبح أداة طيعة في خدمة المخططات الاستعمارية الغربية. إذاً المشروع السياسي للنظام العالمي الجديد الذي انتهت إليه العولمة هو: تفتيت الوحدات والتكوينات السياسية-الدول- إلى تجمعات ودويلات صغرى ضعيفة ومهزوزة، ومبتلاة بالكوارث والمجاعات والصراعات الداخلية، والفتن.(الجميل،57:1997)

ثالثاً: الأهداف الثقافية:-

      تقوم العولمة في الجانب الثقافي علي انتشار المعلومات، وسهولة حركتها، وزيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات، أي تقوم علي إيجاد ثقافة عالمية، وعولمة الاتصالات عن طريق البث التليفزيوني عبر الأقمار الصناعية، وبصورة أكثر عمقا خلال شبكة الإنترنت التي تربط البشر بكل أنحاء المعمورة. كما تعني العولمة الثقافية توحيد القيم وخاصة حول المرأة والأسرة، باختصار تركز العولمة الثقافية علي مفهوم الشمولية ثقافة بلا حدود، وآلة ذلك الإعلان والتقنيات.( الفاوي،يناير2001)
      ولعلّ من أخطر أهداف العولمة ما يعرف بالعولمة الثقافية فهي تتجاوز الحدود التي أقامتها الشعوب لتحمي كيان وجودها، وما له من خصائص تاريخية وقومية وسياسية ودينية، ولتحمي ثرواتها الطبيعية والبشرية وتراثها الفكري الثقافي، حتى تضمن لنفسها البقاء والاستمرار والقدرة على التنمية ومن ثمّ الحصول على دور مؤثر في المجتمع الدولي. فالعولمة الثقافية تقوم على تسييد الثقافة الرأسمالية لتصبح الثقافة العليا، كما أنها ترسم حدوداً أخرى مختلفة عن الحدود الوطنية مستخدمة في ذلك شبكات الهيمنة العالمية على الاقتصاد والأذواق والثقافة".( الجابري،1997: 147- 148)
        إنّ العولمة لا تكتفي بتسييد ثقافة ما، بل تنفي الثقافة من حيث المبدأ، وذلك لأنّ الثقافة التي يجري تسييدها تعبر عن عداء شديد لأي صورة من صور التميز، إنّ الثقافة الغربية تريد من العالم أجمع أن يعتمد المعايير المادية النفعية الغربية، كأساس لتطوره، وكقيمة اجتماعية وأخلاقية وبهذا فإنّ ما تبقى يجب أن يسقط، وما تبقى هنا هو" ليست خصوصية قومية بل مفهوم الخصوصية نفسه، وليس تاريخا بعينه بل فكرة التاريخ، وليس هوية بعينها وإنما كل الهويات، وليس منظومة قيمية بل فكرة القيمة وليس نوعا بشريا، وإنّما فكرة الإنسان المطلق نفسه".(أمين، العدد60:67، المسيري،1997: 100)   
يقول العالم الأمريكي المعروف ناعوم تشومسكي:"إنّ العولمة الثقافية ليست سوى نقلة نوعية في تاريخ الإعلام، تعزز سيطرة المركز الأمريكي على الأطراف، أي على العالم كله".(امخرون،1999: 124) ويقول د.عبد الفتاح أحمد الفاوي:"ليست العولمة انتقالاً من ظاهرة الثقافة الوطنية والقومية إلي ثقافة عليا جديدة هي الثقافة العالمية، بل إنّها فعل اغتصاب ثقافي، وعدواني رمزي علي سائر الثقافات، خاصة ثقافتنا العربية والإسلامية".(الفاوي، يناير2001)                      
      ودعا دافايد روشكويف(أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كولومبيا والمسئول السابق في حكومة الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون) الولايات المتحدة إلى استغلال الثورة المعلوماتية الكونية للترويج للثقافة والقيم الأمريكية على حساب الثقافات الأخرى، لأنّ الأمريكان أكثر الأمم عدلاً وتسامحاً وهم النموذج الأفضل للمستقبل، والأقدر على قيادة العالم.(المبروك وآخرون، 1999م:13-14)
      ويقول شتراوس هوب في كتابه(توازن الغد):"إنّ المهمة الأساسية لأمريكا توحيد الكرة الأرضية تحت قيادتها، واستمرار هيمنة الثقافة الغربية، وهذه المهمة التي لا بد من إنجازها بسرعة في مواجهة نمور آسيا وأيّ قوى أخرى لا تنتمي للحضارة الغربية".(الصوراني، 1999: 5) إذاً من الأهداف الثقافية للعولمة: الترويج لفلسفة النظام الغربي الرأسمالي النفعي البرجماتي وفرض الثقافة الغربية الوافدة وجعلها في محل الصدارة والهيمنة في العالم وقهر الهوية الثقافية للأمم والشعوب الأخرى، على أن تظل الثقافات الأخرى محدودةً في نطاق السلوك الفردي لا تتعداه، فالدساتير والنظم والقوانين والقيم الأخلاقية يجب أن تستمد من الفلسفة المادية النفعية، ومن ثقافة الرجل الأبيض العلمانية، المناهضة للعقائد والشرائع السماوية.(المبروك وآخرون، مصدر سابق:95-96، حجازي،98: 10-11)
       إنّ الواقع الذي تعيشه بلدان العالم الإسلامي يوفّر الفرص المواتية أمام تغلغل التأثيرات السلبية للعولمة الثقافية، لأن مقوّمات المناعة ضد سلبيات العولمة، ليست بالدرجة الكافية التي تقي الجسمَ الإسلاميَّ من الآفات المهلكة التي تتسبَّب فيها هذه الظاهرة العالمية المكتسحة للمواقع والمحطّمة للحواجز".(التويجري:مصدر سابق)
- شيوع الثقافة الاستهلاكية-لأنّ العولمة تمجِّد ثقافة الاستهلاك-التي استخدمت كأداة قوية فاعلة في إطلاق شهوات الاستهلاك إلى أقصى عنان ومن ثمَّ تشويه التقاليد والأعراف السائدة في العالم الإسلامي.
- تغريب الإنسان المسلم وعزله عن قضاياه وهمومه الإسلامية، وإدخال الضعف لديه، والتشكيك في جميع قناعته الدينية، وهويته الثقافية.(بهاء الدين:مصدر سابق)     
- إشاعة ما يسمى بأدب الجنس وثقافة العنف التي من شأنها تنشئة أجيال كاملة تؤمن بالعنف كأسلوب للحياة وكظاهرة عادية وطبيعية.(التويجري:مصدر سابق) وما يترتّب على ذلك من انتشار الرذيلة والجريمة والعنف في المجتمعات الإسلامية، وقتل أوقات الشباب بتضييعها في توافه الأمور وبما يعود عليه بالضرر البالغ في دينه وأخلاقه وسلوكه وحركته في الحياة، وتساهم في هذا الجانب شبكات الاتصال الحديثة والقنوات الفضائية وبرامج الإعلانات والدعايات للسلع الغربية وهي مصحوبة بالثقافة الجنسية الغربية، التي تخدش الحياء والمروءة والكرامة الإنسانية، ولقد أثبتت الدراسات الحديثة خطورة القنوات الفضائية-بما تبثه من أفلام ومسلسلات جنسية فاضحة-على النظام التعليمي والحياة الثقافية والعلاقات الاجتماعية ونمط الحياة الاقتصادية في العالم الإسلامي.(أمين،1998:-126-128)
* ومن آثار عولمة الثقافة انتشار نوعية مميزة من الثقافة المادية والمعنوية الأمريكية، حيث سيطرت الثقافة الأمريكية الشعبية على أذواق البشر، فأصبحت موسيقى وغناء مايكل جاكسون، وتليفزيون رامبو، وسينما دالاس هي الآليات والنماذج السائدة في مختلف أنحاء العالم، وأصبحت اللغة الإنجليزية ذات اللكنة الأمريكية هي اللغة السائدة.(المستقبل:مارس 1998، الفاوي، مصدر سابق)
*ومن آثار العولمة في طمس الهوية الثقافية للأمة الإسلامية انتشار الأزياء والمنتجات الأمريكية في كثير من الدول الإسلامية، لأنّ هذه السلع تحمل في طياتها ثقافة مغايرة تسحق ثقافات الأمم المستوردة لها، وظهور اللغة الإنجليزية على واجهات المحلات والشركات، وعلى اللعب والهدايا، وعلى ملابس الأطفال والشباب.
         وقد ينبري بعض السذج من الناس فيقول:وأي خطر حقيقي يمكن أن يهدّد المسلمين إذا شاعت هذه المطاعم والأزياء والتقاليد والمنتجات الأوربية والأمريكية؟! والجواب: هو المثل الفرنسي المشهور الذي يقول:(أَخبرْني ماذا تأكل أُخبرْك مَن أنت!)؛ فالأزياء, والمطاعم، والمأكولات والمشروبات، وغيرها من المنتجات تجلب معها مفاهيم بلد المنشأ، وقيمه وعاداته ولغته، وذلك يوضح الصلة الوثيقة بين هذه المنتجات وبين انفراط الأسرة، وضعف التدين، وانتشار الكحول والمخدّرات، والجريمة المنظمة.وأيضا فإنًّ أي مطعم أو متجر من (الماركات) الغربية المشهورة يقام في بلادنا- ينهار أمامه عشرات المؤسسات الوطنية الوليدة، التي لا تملك أسباب المنافسة، ممّا يزيد من معدلات الفقر والبطالة.(الشريف،بدون تاريخ:9)
    ولقد ثبت أنّ الأزياء الأوربية والأمريكية قد كتبت عليها عبارات باللغة الإنجليزية([6]) تحتوي على ألفاظ وجمل جنسية مثيرة للشهوات ومحركة للغرائز الجنسية، وأيضاً لا دينية تمس المشاعر والمقدسات والأخلاق الإسلامية، وتروج للثقافة الغربية التي تقوم على الإباحية والحرية الفوضوية في مجال العلاقات بين الرجل والمرأة.(المبروك وآخرون،مصدر سابق:136-137)
    ولقد أدركت بعض الدول خطورة الآثار الثقافية للعولمة في بلدانها ومن هذه الدول فرنسا، فهذا وزير العدل الفرنسي جاك كوبون يقول:"إنّ الإنترنت بالوضع الحالي شكل جديد من أشكال الاستعمار، وإذا لم نتحرك فأسلوب حياتنا في خطر، وهناك إجماع فرنسي على اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة لحماية اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية من التأثير الأمريكي".(يونس، نوفمبر 2002) بل إن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عارض قيام مطعم "ماكدونالد الذي يقدم الوجبات الأمريكية، مسوغًا ذلك أن يبقى برج أيفل منفردًا بنمط العيش الفرنسي.(الحاجي،1999: 51) كما قام وزير الثقافة الفرنسي بهجوم قوي على أمريكا في اجتماع اليونسكو بالمكسيك، وقال:"إني أستغرب أن تكون الدول التي علّمت الشعوب قدراً كبيراً من الحرية، ودعت إلى الثورة على الطغيان، هي التي تحاول أن تفرض ثقافة شمولية وحيدة على العالم أجمع...إنّ هذا شكل من أشكال الإمبريالية المالية والفكرية، لا يحتل الأراضي، ولكن يصادر الضمائر، ومناهج التفكير، واختلاف أنماط العيش".(الحاجي:المصدر السابق)

رابعاً: الأهداف الدينية:

     العولمة آتية من الغرب الصليبي الكافر الذي يعتمد الأنظمة والمفاهيـم العلمانية اللادينية. يقول الدكتور جلال أمين:"وهناك من يكره العولمة لا لسبب اقتصادي، بل لسبب  ديني. فالعولمة آتية من مراكز دينها غير ديننا، بل هي قد تنكرت للأديان كلها، وآمنت بالعلمانية التي لا تختلف كثيراً في نظر هؤلاء عن الكفر، ومن ثمَّ ففتح الأبواب أمام العولمة هو فتح الأبواب أمام الكفر، والغزو هنا في الأساس ليس غزواً اقتصادياً، بل غزو من جانب فلسفة للحياة معادية للدين، والهوية الثقافية المهددة هنا هي في الأساس دين الأمة وعقيدتها، وحماية الهوية معناها في الأساس الدفاع عن الدين".(أمين-مصدر سابق-46)
فمن أهداف العولمة الدينية:-
1- القضاء على التعليم الديني والثقافة الإسلامية.
2- التشكيك في المعتقدات الدينية، وطمس المقدسات لدى الشعوب المسلمة لصالح الفكر المادي اللاديني الغربي، أو إحلال الفلسفة المادية الغربية محل العقيدة الإسلامية. ويمكن الإشارة إلى الوثيقة المسماة "الإستراتيجية المشتركة للاتحاد الأوروبي في المتوسط"، والتي أصدرها مؤتمر قمة الاتحاد الأوروبي في يونيو سنة 2000م. وتشير الوثيقة صراحة إلى سعي الاتحاد إلى تغيير بعض القيم الدينية في الدول العربية المطلة على البحر المتوسط بحيث تتوافق مع القيم الأوروبية.(سليم، 2003)  
3- استبعاد الإسلام وإقصاؤه عن الحكم والتشريع، وعن التربية والأخلاق وإفساح المجال للنظم والقوانين والقيم الغربية المستمدة من الفلسفة المادية والعلمانية البرجماتية.(المبروك، المصدر السابق:96) ومن آثار العولمة في هذا الجانب: التحدي الخطير الذي تواجهه الشريعة الإسلامية من القوى المحلية العلمانية التي تتلقى الحماية الدولية المعنوية والمادية باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولقد انتشرت الجمعيات الأهلية المدعومة غربياً، التي تقوم بمحاربة الهوية الثقافية الإسلامية، وإثارة الشبه والشكوك حول النظم والتشريعات الإسلامية وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين المرأة والرجل وقضايا المرأة المسلمة، وتطالب بعضها جهاراً نهاراً الحكومات والمجالس البرلمانية إصدار القوانين وفق مواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان بعيداً عن النظم والتشريعات الإسلامية.(التوبة،أغسطس 2004).
4- تحويل المناسبات الدينية إلى مناسبات استهلاكية، وذلك بتفريغها من القيم والغايات الإيمانية إلى قيم السوق الاستهلاكية، فعلى سبيل المثال: استطاع التقدم العلمي والتقني الحديث أن يحوّل شهر رمضان-شهر الصوم والعبادة والقرآن-وعيد الفطر خاصة من مناسبة دينية إلى مناسبة استهلاكية.

خامساً: الأهداف الاجتماعية والخلقية:-

       من مخاطر العولمة في الجانب الاجتماعي: أنّها تركّز على حرية الإنسان الفردية إلى أن تصل للمدى الذي يتحرّر فيه من كل قيود الأخلاق والدين والأعراف المرعية، والوصول به إلى مرحلة العدمية, وفي النهاية يصبح الإنسان أسيراً لكل ما يعرض عليه من الشركات العالمية الكبرى التي تستغله أسوأ استغلال، وتلاحقه به بما تنتجه وتروج له من سلع استهلاكية أو ترفيهية، لا تدع للفرد مجالا للتفكير في شيء آخر وتصيبه بالخوف.(رجب، أكتوبر2000)                                            
     وأيضاً تكريس النزعة الأنانية لدى الفرد، وتعميق مفهوم الحرية الشخصية في العلاقة الاجتماعية، وفي علاقة الرجل بالمرأة، وهذا بدوره يؤدي إلى التساهل مع الميول والرغبات الجنسـية، وتمرد الإنسان على النظم والأحكام الشرعية، التي تنظم وتضبط علاقة الرجل بالمرأة. وهذا يؤدي إلى انتشار الإباحية والرذائل والتحلل الخلقي وخدش الحياء والكرامة والفطرة الإنسانية.
    إنّ وسائل العولمة و خاصة الأقمار الصناعية التي تتسلل إلى البيوت على وجه الأرض كلها، دون استئذان، وتلعب بشخصية الأفراد والأمم جميعاً تثير في برامجها وأنشطتها الشهوات الجنسية، وتزين عبادة الجسد، وتشيع أنواع الشذوذ، وتحطم قيم الفطرة الإنسانية الرفيعة، فتتناقض بذلك مع النظام الإسلامي الاجتماعي والأخلاقي الذي أراد الإسلام في ظله أن يبني مجتمعاً نظيفاً، مؤمناًً فاضلاً عفيفاً. جاء في خطاب الرئيس بوش-الابن-عن حال الاتحاد اليهودي المسيحي في 29 يناير عام 2002مـ:"ومن الآن فصاعداً يحق للعالم: تناول الخمر والتدخين، وممارسة الجنس السوي أو الشذوذ الجنسي، بما في ذلك سفاح القربى واللواط، والخيانة الزوجية، والسلب، والقتل، وقيادة السيارات بسرعة جنونية، ومشاهدة الأفلام والأشرطة الخلاعية داخل فنادقهم أو غرف نومهم".(من خطابه أمام الكونجرس عن حال الاتحاد اليهودي المسيحي بتاريخ 29/1/2002م)
          يقول الباحث الدكتور عماد الدين خليل:"وفي الجانب الاجتماعي تسعى العولمة إلى تعميم السياسات المتعلقة بالطفل والمرأة والأسرة وكفالة حقوقهم في الظاهر، إلا أنّ الواقع هو إفساد وتفكيك الأفراد واختراق وعيهم، وإفساد المرأة والمتاجرة بها، واستغلالها في الإثارة والإشباع الجنسي، وبالتالي إشاعة الفاحشة في المجتمع، وبالمقابل تعميم فكرة تحديد النسل، وتعقيم النساء، وتأمين هذه السياسات وتقنينها بواسطة المؤتمرات ذات العلاقة:(مؤتمر حقوق الطفل)، (مؤتمر المرأة في بكين), (مؤتمر السكان)، وما تخرج به هذه المؤتمرات من قرارات وتوصيات واتفاقيات تأخذ صفة الدولية، ومن ثمّ الإلزامية في التنفيذ والتطبيق...وما تلبث آثار ذلك أن تبدو واضحة للعيان في الواقع الاجتماعي استسلامًا وسلبية فردية، وتفككًا أسريًا واجتماعيًا، وإحباطات عامة، وشلل تام لدور المجتمع الذي تحول إلى قطيع مسير ومنقاد لشهوته وغرائزه، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكراً، متحللا من أي التزامات أسرية واجتماعية، إلا في إطار ما يلبي رغباته وشهواته وغرائزه".(خليل:2002، العدد12)
         إنّ العولمة تجيز الشذوذ الجنسي والعلاقات الجنسية الآثمة بين الرجل والمرأة، بل بين الرجل والرجل، ويظهر ذلك عند مراجعة وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة المسمى المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة من 5-13 سبتمبر عام 1994م."إنّ قارئ الوثيقة الأساسية، والمكونة من أكثر من مائة وإحدى وعشرين صفحة، من القطع الكبير، يلاحظ أنه ورد بها مكررًا، بل مئات المرات، عبارات مثل الخدمات الصحية التناسلية، والجنسية النشاط الجنسي للأفراد، اعتبار ممارسة الجنس والإنجاب حرية شخصية، وليست مسؤولية جماعية...الخ، هذا الذي يفوح خبثًا، وكأن المؤتمر يُعنى بصورة أساسية بأمور الجنس، والتناسل، وليس بالسكان والتنمية".
       وقد أفصح المفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي عن نوايا مقررات مؤتمر القاهرة في الرسالة التي وجهها للمؤتمر.(جاد، كتاب الأمة 53، ص55-70) ومن المدهش أنّ رئيسة جمعية "الأمهات الصغيرات في أمريكا" حذرّت المسلمين في مؤتمر القاهرة من خطورة الأمركة، فقالت:" لقد دمّروا المجتمع الأمريكي وجاءوا الآن بأفكارهم للمجتمعات الإسلامية، حتى يدمروها، ويدمروا المرأة المسلمة ودورها فيها".(منصور،1998)
ومن آثار العولمة في الجانب الاجتماعي زيادة معدلات نسبة الجريمة ليس في الدول النامية وحدها، بل في كل الدول الأوربية الغنية وقد أكّد هذا الأمر الكاتبان الألمانيان (هانسبيتر مارتين، وهارالدشومان) حيث قالا: "ينتفع مرتكبو الجرائم متعدية الجنسيات أيضاً من إلغاء القيود القانونية المفروضة على الاقتصاد، فعلى مستوى كل البلدان الصناعية تتحدث دوائر الشرطة والقضاء عن طفرة بينة في نمو الجريمة المنظمة وكان أحد موظفي الشرطة الدولية قد أشار إلى هذه الحقيقة بعين العقل حينما راح يقول: "إنّ ما هو في مصلحة التجارة الحرة، هو في مصلحة مرتكبي الجرائم أيضاً".(بيترمارتين، شومان، 1998: 7- 8)
ويضيفان:"إنّ النتائج المترتبة تثير الرعب بلا شك، ففي منظور الخبراء أضحت اليوم الجريمة المنظمة عالمياً، أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً، إنّه يحقق أرباحاَ تبلغ خمسمائة مليار دولار في العام".(المصدر السابق:370)
      ومن آثار العولمة في الجانب الاجتماعي أيضاً زيادة معدلات الفقر والبطالة، وتوهين العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، والظلم الاجتماعي الذي يصيب الأسر الفقيرة نتيجة تقليص الدولة للدعم الاجتماعي لهذه الأسر.(عوض الله، ‏يناير2003، المشاهد السياسي، نيسان 1998: 36)
المطلب الرابع: سمات عالمية الإسلام:
تقوم عالمية الإسلام على نوعين من القيم:-
أولهما:قيم عامة تدخل بها المجتمع البشري.وهي:
1- العدل: بالإيمان وحدة النوع البشري في أصله ومصيره.
2- السلام: بالإيمان بحق الحياة للفرد، وللمجتمع البشري.
3- الحرية: بالإيمان بالكرامة الإنسانية.
 ثانيهما:قيم خاصة تلتزم بها في المجتمع الإسلامي.وهي:-
1- وحدة الإله المعبود، ووحدة الدين، ووحدة الأمة.
2-الأخوة الإسلامية: وصورتها الاقتصادية:التكافل الاجتماعي.وصورتها السياسية:الشورى والبيعة.
3-الجهاد إيمانا بضرورة تبليغ الدعوة، وضرورة حماية دولتها، وواجب صيانة القيم العامة.
ومن سمات عالمية الإسلام:-
     أنّ الإسلام دين يتميز بالعالمية. والعالمية تعني:عالمية الهدف والغاية والوسيلة، ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية للناس جميعًا، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء 107، وقال تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) سـبأ:28، ووصف الخالق عز وجل نفسه بأنه "رب العالمين" وذكر الله تعالى الرسول e مقترنًا بالناس والبشر جميعاً قال تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)البقرة:21، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)البقرة:143، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) النساء:170، (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)الأعراف:158.
       إنً الحضارة الإسلامية قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر، وتفاعلت معه أخذأً وعطاءً، بل إنّ حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين البشر باعتباره من سنن الكون، لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار الاختلاف في الجنس والدين واللغة من عوامل التعارف بين البشر. اتساقًا مع نفس المبادئ، إنّ الإسلام يوحّد بين البشر جميعاً رجالاً ونساءً،في قضايا محددة:أصل الخلق والنشأة، والكرامة الإنسانية والحقوق الإنسانية العامة، ووحدانية الإله، وحرية الاختيار وعدم الإكراه،ووحدة القيم والمثل الإنسانية العليا.
       ومن هنا تظهر الاختلافات جلية بين مفهوم عالمية الإسلام ومفهوم "العولمة" فبينما تقوم الأولى على رد العالمية لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة، وتحترم خصوصيته، وتفرد الشعوب والثقافات المحلية، ترتكز الثانية:على عملية نفي أو استبعاد لثقافات الأمم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق لا منافع البشر.(عبد الكريم:موقع الإسلام على الطريق)
      فالدولة الإسلامية احترمت عقائد رعاياها من غير المسلمين من أهل الذمة، وكفلت لهم حرية ممارسة شعائرهم الدينية، ووفرت لهم حق الحماية؛ فدماؤهم وأموالهم مصونة، وحرياتهم وكراماتهم محترمة، وقد أكد على ذلك الرسول e في أحاديث عديدة، منها: "من آذى ذمياً فأنا خصمه يوم القيامة، ومن خاصمته خصِمته". وكان الخليفة عمر رضي الله عنه يسأل عمَّاله عن أحوال أهل الذمة، وكان يفرض لهم من بيت مال المسلمين إن كانوا في حالة لا يتكسبون بها. وراعى المسلمون حقوق الأجانب، وهم الأشخاص الذين يدخلون الديار الإسلامية لمدد محدودة، ويسمون بالمستأمنين، ولم تصل الإنسانية إلى إقرار هذه الحقوق في ظل القوانين الوضعية إلاّ في القرن العشرين.
       يؤكّد الدكتور محسن عبد الحميد وجود فرق كبير بين المصطلحين (العالمية والعولمة) فيقول:إنّ أبناء هذا العالم بمختلف قبائله وشعوبه ولغاته وملله ونحله يعيشون على هذه الأرض، ولذا فلا بد أن يتفاهموا فيما بينهم، تمهيداً للتعاون الدائم على خير الجميع، ولا مانع من أن يأخذ بعضهم من بعض. ولا يجوز أن يفرض وبالإكراه بعضهم على بعض لغته أو دينه أو مبادئه أو موازينه. فالاختلاف في هذا الإطار طبيعي جداً والتعاون ضروري أبداً، لمنع الصدام والحروب والعدوان. ويضيف:إنّ تاريخ البشرية عامة وتاريخ الإسلام خاصة، لم يرد فيه دليل على أنّ المسلمين خطوا للبشرية طريقًا واحدًا، ووجهة واحدة وحكمًا واحدًا ونظامًا واحدًا، وعالماً واحدًا بقيادة واحدة، ليس بالإجبار والإكراه.بل اعترفوا بواقع الأديان واللغات والقوميات عاملوها معاملة كريمة، بلا خداع ولا سفه ولا طعن من الخلف، ولذلك عاش في المجتمع الإسلامي من أهل الملل الأخرى من اليهود والنصارى والصابئة والمجوس، وغيرهم بأمان واطمئنان، وأمّا الأمم التي كانت تعيش خارج العالم الإسلامي، فقد عقدت الدولة الإسلامية معها مواثيق ومعاهدات في قضايا الحياة المتنوعة. والتوجيه الأساس في بناء العلاقات الدولية في الإسلام قوله تعالى:(يا أيها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم)ْ الحجرات:11. وأمّا العولمة فهي مصطلح يعني جعل العالم عالمًا واحدًا، موجهًا توجيهًا واحدًا في إطار حضارة واحدة، ولذلك قد تسمى الكونية أو الكوكبة.(عبد الحميد:موقع الإسلام على الطريق)

المطلب الخامس:الفرق بين عالمية الإسلام والعولمة:

إنّ أوجه الخلاف والتباين الجوهرية بين عالمية الإسلام والعولمة تكمن في كون العالمية من خصائص الدين السماوي المنزل من الله عز وجل، بينما العولمة هي ابتكار إنساني وصنعة بشرية مضادة لدين الله تعالى.
1- عالمية الإسلام ربانية في مصدرها، فهي من عند الله المتصف بالكمال المطلـق، خالق الكون والإنسان، ومنبثقة عن فهي تصور اعتقادي موحى به من الله سبحانه ومحصورة في هذا المصدر فحسب.(قطب، :19976-7) ومادامت ربانية متكاملة شاملة، فإنّ الخير والبركة وكذا السعادة ووفرة الإنتـاج من بركات الالتزام بها، وما دامت ربانية من عند الله عز وجل وتلبي أشـواق الـروح البشرية فإنّها مبرأة من النقص وخالية من العيوب، وبعيدة عن الظلم وبالتالي فإنّها وحدها تشبع الفطرة الإنسانية.
     بينما العولمة بشرية في مصدرها؛ أي هي من تفكير العقل البشري وحـده، مـع اعتماده على شهوة التسلط والانفراد، وحب السيطرة على الآخرين، وهي أيضاً صدىً كبيراً للبيئة التي يعـيش فيها الغرب الاستعماري، ولكونها بشرية قائمة على شهوة التسلط والانفراد فإنها لم تنفع البشرية، بقدر ما تفرض السيطرة السياسية الغربية على الأنظمة الحاكمة والشعوب، وتتحكم في مركز القرار السياسي وصناعته في دول العالم لخدمة المصالح الأمريكية والقوى الصهيونية المتحالفة معها. إنّ العولمة تصدّر للناس الإلحاد والفساد الخلقي والفوضى الجنسية والشذوذ والانحراف، وتفرضه في مؤتمرات عالمية، بينما الإسلام حريص كل الحرص على تطهير الناس من الدنس الروحي والأخلاقي، ليرتفع الناس إلى المستوى اللائق بالإنسان...إنّ النموذج الحضاري الذي تقدمه العولمة يشكل فتنة كبيرة للناس، لأنّ فيه من ألوان التقدم المادي ما هو نافع حقيقة للناس، ولازم لهم ليرتفع مستواهم الحياتي، ولكن فيه في الوقت ذاته انتكاسات روحية وخلقية تهبط بالناس إلى درك أحط من الحيوان..والناس– لهبوطهم إلا من رحم ربك– يأخذون الأمرين معاً، على أنّهما معا هما التقدم والرفعة والرقي!! ومن أجل ذلك لا يحسون في لحظة الانتكاس أنهم منتكسون، بل يظنون أنهم ماضون في طريق الرفعة ما داموا يمارسون ألوان التقدم التي تتيحها هذه العولمة.( قطب،2001 :31-33)
2- الاختلاف في طبيعة المنهج: فمـنهج الإسلام مبني على الإيمان والتسليم، والمتابعة والانقياد لجملة أصوله وأركانه، والتطبيق العملـي لتشريعاته وأحكامه.أما العولمة فقائمة الرفض من الشعوب، ولذا قابلت مؤتمراتها بالمظاهرات والمسيرات التي تعبر عن الرفض المطلق للعولمة، والعولمة وتدعو إلى محاربة الدين الحق بما فيه قيم وأخلاق ونظم وتشريعات.
3- عالمية الإسلام تمتاز بالواقعية، فهي تصـور يتعامـل مـع الحقـائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي المستيقن، والأثر الواقعي الإيجابي. لا كالعولمة التـي تتعامل مع تصورات عقلية مجردة، أو مع مثاليات لا مقابل لها في عـالم الواقـع، أو لا وجود لها في عالم الواقع. ثمّ إنّ التصميم الذي تضعه العقيدة للحياة البشرية يحمل طابع الواقعيـة، لأنـّه قابل للتحقيق الواقعي في الحياة الإنسانية، ولكنها في الوقت ذاته واقعية مثالية، أو مثاليـة واقعية، لأنها تهدف إلى أرفع مستوى وأكمل نموذج، تملك البشرية أن تصعد إليه. ولا يضرب العقل البشري في التيه كما في الفلسفة ليتمثلها على هواه، في سلسـلة مـن القضايا المنطقية المجردة على طريقة الميتا فيزيقا التي لا تفيد شيئاً، لا علما ولا إيماناً.
4-عالمية الإسلام تمتاز بالرحمة للعالمين: ويمكننا إدراك عمق الرحمة الإلهية للإنسان من خلال معرفتنا حالات الضعف البشرية، ومن خلال مطالعتنا للآيات ‏القرآنية والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن رحمة اللّه وعفوه وغفرانه. قال تبارك وتعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء:107، ويقول سبحانه:( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة: 128. وإذا استقرأنا نصوص القرآن الكريم، وتأملنا أحكام الشريعة الإسلامية وجدنا الرحمة الواسعة الفياضة، كما نجدها فياضة واسعة في شخص الرسول عليه السلام مبلّغ الإسلام، خلقاً وسلوكاً وأدباً وشمائل، فالرسول عليه السلام رحيم، ورحمته عامة شاملة فياضة طبع عليها ذوقه ووجدانه، وصبغ بها قلبه وفطرته، هذه الرحمة التي خلّصت الناس والأمم والبشرية جميعاً من إصر الأغلال التي كانت عليهم، كما خلصتهم من جور الاستعباد البشري، وجاءت بكمال الرحمة المحافظة على النفوس، الموفرة للأمن النفسي والاقتصادي، القاضية بعصمة أرواح الناس ودمائهم إلا بحق التشريع.
     إنّ رسالة الإسلام قائمة في العبادة والتشريعات على الرحمة، التي تتمثل في رفع الحرج والمشقة، ليس في الشريعة مشقة بالمعنى الصحيح الشرعي وليس فيها عناء ولا عنت، وإنما هي عين اليسر وذات السماحة، قال تعالى:(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)النساء: من الآية 29. وقد جاءت مناسبة تماماً لفطرة الناس وطاقته كيفما كانت سلباً أو إيجابا، وهي تناسب جميع ظروف الإنسان وأحواله، ودون أدنى حرج أو مشقة، وصدق رب العزة إذ يقول تعالى:(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة:6، ويقول:(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍُ) الحج:78. ورحمة الإسلام مع أعدائه ومخالفيه والناقمين عليه المتربصين به، كما هي رحمته بمن آمن به وصدقه رحبة ندية فياضة، ودعا فيما دعا وأوجب أن تقوم علائق أمته فيما بينها على الرحمة والمودة والتعاطف استجلاباً لرحمة الخالق سبحانه وتعالى، فإنّه عز وجل يرحم من عباده الرحماء، فقال e:(الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).([7]) والرسول e قال عن نفسه:(إنما أنا رحمة مهداة).([8]) والآيات القرآنية الكريمة لتشمل برحمتها الإنسان وتدعوه إلى التوبة، وتحذره من اليأس ‏والقنوط. يقول تعالى:(كتب على نفسه الرحمة) الأنعام:12، ويقول سبحانه:(إن رحمة اللّه قريب من المحسنين)الأعراف:56، ويقول تعالى:(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) الأنعام:147، ويقول تعالى:(وربك الغفور ذو الرحمة) الكهف:58. وهناك أمثلة كثيرة تعبر عن الرحمة الإلهية للإنسان. إنّ هذه الرحمة هي طابع الرسالة الإسلامية في جميع مجالاتها ومواقفها الحياتية، ليس في الإسلام تعسف ولا تعنت ولا كبت ولا إكراه ولا اضطهاد، بل الإسلام دين الرحمة واليسر والسماحة والعطف والمحبة.
     ورحمة الرسالة الإسلامية تشمل ذوي العاهات والإعاقات، والأرامل والأيتام فإنّ الرحمة تتأكد في حقهم، فهم يعيشون في الحياة بوسائل منقوصة تعوق مسيرتهم، وتحول دون تحقيق مقاصدهم، ولذا فقد تضيق صدورهم، وتتحرج نفوسهم، فلقد قيدتهم عللهم، واجتمع عليهم حر الداء مع مرِّ الدواء، فيجب الترفق بهم، والحذر من الإساءة إليهم، أو الاستهانة بمتطلباتهم، فإنّ القسوة معهم جرمٌ عظيم، يقول الله تعالى:(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) سورة النور:61. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللهe:"السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وأحسبه قال:كالْقَائِمِ لا يفتر، وكالصَّائِمِ لا يفطر".([9])
4- الوسطية من خصائص عالمية الإسلام: ومذهب الوسطية في الإسلام واضح في النص عليه في القرآن الكريم والحديث الشريف، وواضح في التطبيقات العملية للرسالة الإسلامية، فالقرآن الكريم ينص صراحة عليها:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) البقرة: من الآية143. أمّا التشريعات الإسلامية فإنّها تؤكد على إشباع الرغبات المادية والحاجات الروحية على حد سواء، فالإسلام يدعو الإنسان إلى عبادة اللّه والتقرب إليه، ويدعوه أيضا إلى الاستمتاع الحلال بملذات الحياة الدنيا، والإسلام ‏يرفض البخل ويرفض الإسراف، ويحث على اتخاذ موقف وسط بينهما. يقول سبحانه:(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) الإسراء:29. كما أن الإسلام يعط‏ي حق الفرد وحق الجماعة على السواء، فلا يوغل في‏الفردية، ولا يوغل في الجماعية، بل حالة الوسط هي أفضل الأشياء. وهذه الوسطية تؤمن بأنّ الفرد من الجموع، والمجموع من الفرد تماما، كما تؤمن بأن الفرد للمجموع، والمجموع للفرد.ووسطية عالمية تعني أن الإسلام يرفض الطرق والأساليب التي تسير خلاف الطبيعة البشرية،وما فطر عليه الناس، والتي قد تسرف في‏ جانب وتقصر في جانب آخر، فتبخس مجموعة من المجتمع حقها، أو تقصر في جانب حياتي ضروري لجسم الإنسان ‏وعقله وروحه، الوسطية في الإسلام تعني مواكبة الحياة الإنسانية مئة بالمائة، كما هي وكما خلقها اللّه، وكما ينبغي لها أن‏ تكون.
5- تستمد خصائص عالمية الإسلام من مفهوم الإسلام نفسه، إنه دين الله شامل للإنسانية في جوانبها المختلفة، وعبر أطوار التاريخ. ويستمد من مفهوم الأمة التي تجمع شعوبها العقيدة الواحدة لا جنس هذه الشعوب ولا لغاتها ولا ألوانها. وتستمد من الواقع التاريخي الذي أثبت خاصية الانفتاح على الأديان والأقوام والألوان، والتأمل في القيم العامة التي ذكرت سابقا يكفي للدلالة على ذلك.
     بينما العولمة ظاهرة جديدة، أو هي إلا امتداد للنظام الرأسمالي الغربي،بل هي المرحلة الأخيرة من تطور النظام الرأسمالي العلماني المادي النفعي، وقد برزت في المنتصف الثاني من القرن العشرين نتيجة أحداث سياسية واقتصادية معينة منها: انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية عام 1961م، ثمّ سقوط الاتحاد السوفيتي سياسياً واقتصادياً عام 1991م، وما أعقبه من انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالتربع على عرش الصدارة في العالم المعاصر،وانفرادها بقيادته السياسية والاقتصادية والعسكرية، ومنها: بروز القوة الاقتصادية الفاعلة من قبل المجموعات المالية والصناعية الحرة عبرة شركات ومؤسسات اقتصادية متعددة الجنسيات مدعومة بصورة قوية وملحوظة من دولها.(أبو زعرور،مصدر سابق:18) يقول توماس فيردمان الصحافي اليهودي الأمريكي الذي يكتب في(نيويورك تايمز):"إنّ العولمة الحالية هي مجرد جولة جديدة بعد الجولة الأولى التي بدأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بحكم التوسع الهائل في الرحلات البحرية باستخدام طاقة البخار والتي أدت إلى اتساع حجم التجارة الدولية بشكل لم يسبق له مثيل".(بهاء الدين، مصدر سابق:62-63)  
6- إنّ عالمية الإسلام هي وحدها العالمية الحقيقية الوحيدة التي يمكنها أن تحقق للإنسان أهدافه في ‏حياة كريمة، لأنّها تنبعث عن مفهوم إلهي كوني، وأمّا العولمة فدعوة عاجزة عن تحقيق ذلك، لأنّها تنبع من مصدر بشري، وغالبا ما تكون غطاءً للعدوان على الآخرين.
7- وثمّ فرق بين عالمية الإسلام والعولمة، فالإسلام يقوم على العدل وإنصاف المظلوم، ويرفض الاعتداء، ويعترف بحق الأخر في الدين والرأي المخالف، أمّا العولمة فتقوم على الظلم، وتفتقد للعدل، وتهدف لصالح الاستكبار الغربي، وضد مصالح الشعوب الفقيرة الأخرى.
     لقد غدا العالم الذي خضع للعولمة، بدون دولة، بدون أمة، بدون وطن لأنه حوّل هذا العالم إلى عالم المؤسسات والشبكات، وعالم الفاعلين والمسيّرين، وعالم آخر، هم المستهلكون للمأكولات، والمعلبات والمشروبات، والصور والمعلومات، والحركات والسكنات التي تفرض عليهم. أما وطنهم فهو السيبرسبيس: أي الواقع الافتراضي الذي نشأ في رحاب شبكة المعلومات الدولية وسائر وسائل الاتصال، ويحتوي الاقتصاد والسياسة والثقافة.(الجابري،1997:148)
     يقول أحد الكتاب الفرنسيين عن النظام الرأسمالي الأمريكي:"فكلما ازداد هذا النظام الرأسمالي الجشع إمعاناً وانتشاراً للعولمة ازدادت الانتفاضات والحروب العرقية والقبلية والعنصرية والدينية للتفتيش عن الهوية القومية في المستقبل. وكلما تَفَشَّت المعلوماتية والأجهزة التلفزيونية والسلكية واللاسلكية، تكبّلت الأيدي بقيود العبودية، وازدادت مظاهر الوحدة والانعزال والخوف والهلع دون عائلة ولا قبيلة ولا وطن. وكلما ازداد معدل الحياة سوف تزداد وسائل القتل، وكلما ازدادت وسائل الرفاهية سوف تزداد أكثر فأكثر جرائم البربرية، العبودية".(عبد الحميد، مصدر سابق)
ويبين د. وهبة الزحيلي-عضو مجمع الفقه الإسلامي- الفرق بين العولمة وعالمية الإسلام، فيقول:"العولمة ذات المفهوم التغريبي فهي تتمثل في كونها مادية طاغية ومنطقية من فلسفة ملحدة علمانية لا تعرف الإيمان بالله الخالق الواحد، وعنصرية بغيضة لا يهمها إلا ذاتيتها بالإضافة إلى عنصرية الصهيونية وعولمتها ذات الأهداف لتخريبية والإفساد لمعظم المجتمعات البشرية، وهي تنبع من نزعة استكبارية واستعلاء وغطرسة لا حدود لها، وتتنصل من كل القيود الإنسانية والأخلاقية أو إلغاء الوجود للآخرين دينياً وثقافياً واجتماعياً وسلوكياً واقتصادياً وسياسياً، أي إنّ العولمة هي مرحلة ما بعد الإمبريالية في حياة الرأسمالية العالمية المعاصرة...وباستحضار ما جاء به الإسلام من مبادئ عالمية يكون من المفيد القول بأنّ العولمة أو العالمية الإسلامية تتميز عن العولمة الحالية بكثير من الخصائص سواء من حيث المضمون أو من حيث الغاية والهدف..وأضاف: وهي بإيجاز تقوم على العقيدة الجامعة لكل خير وفضيلة لأنها عقيدة التوحيد الخالص المنزه عن كل شرك ووثنية وضلال، والنابع من الفطرة المنسجم مع العقل والعلم وسهولة الإقناع والداعي إلى الحوار الهادي والتفكير المتوازن والمحقق للراحة النفسية والطمأنينة (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب)الرعد: 28، وملازمتها للرحمة العامة بالعلم دون تمييز بسبب لون أو عرق أو جنسية أو دين أو عنصرية أو إضمار حقد أو محاولة إكراه أو قسر للآخرين (وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)الأنبياء:107، (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)البقرة:ة256. وترفعها عن الأطماع المادية أو الاقتصادية أو سلب ثروات الأمم والشعوب وإنما تحرص على إغناء الناس ورفاهيتهم وتحسين ظروفهم المعشية قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز:"إنّ الله بعث محمداً e داعيا ولم يبعثه جابياً".(الذهبي، 1982: 5/147) ومن هذه الأهداف إحقاقها الحق ومقاومة الباطل، فلا تمس حقاً للآخرين في الدماء والأنفس والأعراض والأموال قال الله:(هوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة:33. ومن ذلك معاملتها جميع الناس على أساس ثابت وأصيل في العدل والإحسان والتسامح والحرية والمساواة في كل شيء ومن القيم الإنسانية والتكاليف أو الالتزامات )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( النحل:60.([10])
     إذن الفرق بين عالمية الإسلام، وعولمة الغرب، أنّ عولمة الغرب اقتصادية الأساس وهي تسعى إلى الهيمنة على العالم، برفع القيود عن الأسواق والبضائع ورؤوس الأموال، وهذا يفضي إلى تعميق النزاعات والصراعات. أمّا عالمية الإسلام فتقوم على أساس التعارف والانفتاح على الثقافات الأخرى بلا نفي أو إقصاء أو إكراه (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)البقرة:256. الإسلام ينبني على الحوار ويعترف بحق الاختلاف والتنوع، والعولمة ترفض ذلك فكلمة globalisation الإنجليزية أو mondialisation الفرنسية تعني تعميم نمط حضاري معين، ومن الناحية الأيديولوجية تعني إرادة الهيمنة على العالم:أي أمركة العالم .والإسلام يعترف بحق التنوع والاختلاف، قال تعالى:(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة).بينما العولمة تعتمد على القهر والإجبار، ورفض خصوصية الشعوب الأخرى.(إسماعيل:2001)    
7- ثمّ إنّ الإسلام يدعو إلى طلب العلم النافع الذي يفيد الإنسان، ويحقق والخير، ويحق الحق، وكلّ ما جاءت به المدنية الحديثة من علوم ومخترعات وابتكارات، ممّا فيها نفع للناس، ويحارب كل علم ضار فيه فساد الإنسان أو هلاكه، أو إشاعة الشر في حياته، بينما العولمة بخلاف ذلك، فرغم ما أنتجته من المخترعات والابتكارات إلا أنها ابتدعت علوماً ضارةً أو أنتجت أشياء مخربة للأخلاق و ومفسدة للقيم، بل ومهلكة للحياة الإنسانية.
      وأيضاً فغزو المسلمين للعالم كان بدافع حضاري فريد، لقد كانوا يعُدُّون أنفسهم أصحاب رسالة عالمية موجهة للنّاس كافة، كلّفوا هم بتبليغها إليهم بالوسائل السِّلميّة، والذين كانوا من المسلمين يهاجرون إلى البلاد الأخرى إنّما هاجروا طلباً للرزق، وكانت مهمة الشهادة على الناس وتبليغهم الإسلام ماثلةً أمامهم، فأثَّروا في البلاد التي هاجروا إليها تأثيراً كبيراً، ونقلوا إليها دينهم وأخلاقهم وقيمهم ولغتهم، ولم يتأثروا بهم إلا في أمور لا تتعارض مع دينهم، بل قد يكون بعضها من مقتضيات الدعوة إليه، أما غزو الغرب للعالم فقد كان في أساسه لأسباب استعمارية ولمصالح اقتصادية، وقائم على التعصب العنصري، كان الغربيون أيضاً يرون أنّ لهم رسالة أخرى وهي أن يجعلوا العالم نصرانياً، أو مذبذباً بين الحق والباطل، يكفر بالديّن الحق الذي اختاره الله تعالى للبشرية.
8- يقول الدكتور يوسف القرضاوي:"العالمية في الإسلام تقوم على أساس تكريم بني آدم جميعا (ولقد كرمنا بني آدم)الإسراء:70، فقد استخلفهم الله في الأرض، وسخّر لهم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه. وكذلك على أساس المساواة بين الناس فـي أصل الكرامة الإنسانية، وفي أصل التكليف والمسؤولية، وأنهم جميعًا شركاء في العبودية لله تعالى، وفي البنوّة لآدم، كما قال الرسول الكريم e أمام الجموع الحاشدة في حجة الوداع: "(لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي، ولا لأبيض على اسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، كلكم لآدم، وآدم من تراب).([11]) واقتلع عليه الصلاة والسلام جذور الجاهلية في التعصب، وسدَّ كل منافذها فقال: (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية)([12])، وحرَّم حمية الجاهلية فقال: (دعوها فإنها منتنة)([13])  وهو بهذا يؤكد ما قرره القـرآن في خطابه للناس كل الناس: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)الحجرات:13 ولكنّ القرآن في هذه الآية التي تقرر المساواة العامة بين البشر، لا يلغي خصوصيات الشعوب، فهو يعترف بأنّ الله تعالى جعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا. أمّا العولمة فالذي يظهر لنا من دعوتها حتى اليوم:أنّها فرض هيمنة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية من الولايات المتحدة الأمريكية على العالم، وخصوصاً عالم الشرق، والعالم الثالث، وبالأخص العالم الإسلامي.
       إنّ العولمة في أجلى صورها اليوم تعني (تغريب العالم) أو بعبارة أخرى (أمركة العالم). إنها اسم مهذب للاستعمار الجديد الذي خلع أرديته القديمة، وترك أساليبه القديمة ليمارس عهدا جديدا من الهيمنة تحت مظلة هذا العنوان اللطيف (العولمة).إنها تعني فرض الهيمنة الأمريكية على العالم، وأي دولة تتمرد أو تنشز، لا بد أن تؤدب بالحصار أو التهديد العسكري أو الضرب المباشر، كما حدث مع العراق والسودان وإيران وليبيا.(القرضاوي: موقع الإسلام على الطريق)

الخاتمة

وتتضمن أهم نتائج البحث، وهي:-
- وجود فرق كبير بين مضمون ومفهوم (العالمية) الذي جاء به الإسلام، ومضمون ومفهوم (العولمة) التي يدعو إليها اليوم الغرب عامة، وأمريكا خاصة. وثمّ فرق بين عالمية الإسلام والعولمة، فللعولمة تصورات ومظاهر وتجليات وآليات عالمية، وللإسلام رؤى وتصورات عالمية تتعلق بالإنسان والكون والحياة، ولا تتطابق التوجهات في الحالتين، بل هناك خلاف بين منطلقات العولمة ومنطلقات الإسلام، وأيضا يوجد خلاف بين مجموعة القيم المحركة لكل منها ومفهوم العولمة.
- إنً الحضارة الإسلامية قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر، وتفاعلت معه أخذاً وعطاءً، بخلاف العولمة التي تعني الهيمنة بل إلغاء الآخر وخصوصياته الدينية والثقافية والخلقية والتشريعية.
-إنّ الإسلام يدعو إلى طلب العلم النافع الذي يفيد الإنسان، ويحقق له الخير، الحق، وكلّ ما جاءت به المدنية الحديثة من علوم ومخترعات وابتكارات، مما فيها نفع للناس، ويحارب كل علم ضار فيه فساد الإنسان أو هلاكه، أو إشاعة الشر في حياته، بينما العولمة بخلاف ذلك، فرغم ما أنتجته من المخترعات والابتكارات إلا أنّها ابتدعت علوماً ضارةً أو ابتكرت ابتكارات مخربة ومدمرة للأخلاق والقيم، ومهلكة للإنسان.
- إنّ غزو المسلمين للعالم كان بدافع حضاري فريد، فهم أصحاب رسالة عالمية موجهة للناس كافة، كلّفوا بتبليغها، وهم أهل مهمة الشهادة على الناس. ولقد أثَّروا في البلاد التي غزوها تأثيراً كبيراً، ونقلوا إليها دينهم وأخلاقهم وقيمهم ولغتهم، أمّا غزو الغرب للعالم فقد كان في أساسه لأسباب استعمارية، ولمصالح دنيوية، وقائم على التعصب الديني والعنصري.
- العولمة تسيّرها وتسيطّر عليها المادة في كل شأن من شؤونها، إنهّا مادّية بحتة تعاني فيها الإنسانية من طغيان المادة عليها، ولذا فأهلها يعيشون في حالة تيه وضياع، وتشتت وانحلال، بينما عالمية الإسلام توازن بين المادة والروح في نظرتها للإنسان، بحيث لم يطغ أحدهما على الآخر، فالإسلام نظام شامل للحياة والآخرة يقول الله تعالى:(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)القصص:77
- العولمة تكرّس الأنانيّة، وتعزّز المصلحة الشخصية، وتعمل على تنمية الحرية الفردية، دون مصلحة الجماعة، عالمية الإسلام تقوم على تحقيق المصلحتيْن معاً مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة؛ لأنَّه يحد من حرية الأفراد الاقتصادية بالمقدار الذي يؤمِّن مصلحة الجماعة، فهو نظام وسط في تحقيق التوازن بين الطبقات والأفراد، فالنظام الاقتصادي الإسلامي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ونظام الحكم في الإسلام يهدف إلى تحقيق العدالة بين الناس، لأنّه نظام عالمي.

التوصيات

- وضع الإستراتيجيات التي تمكن المسلمين الفكاك من قبضة العولمة بالتركيز على تنمية الموارد الذاتية لكل دولة إسلامية، مع تطوير أشكال للتعاون الإقليمي بين الدول الإسلامية.
- ضرورة أن يستيقظ المسلمون ويظهروا للعالم كلّه نماذج إسلامية رائعة في التعامل والعمل والتجارة والصناعة، والتكنولوجيا، وشتى المجالات الاقتصادية من أجل لفت نظر العالم إلى الإسلام.
- أن ننشئ في البلاد الغربية مؤسسات دعوية إعلامية مهمتها نشر حقائق الإسلام ومبادئه ووجهات نظره في القضايا العالمية عبر قنوات متعددة، كالصحف، والجرائد والإذاعة المسموعة والمرئية، والقنوات القضائية.
- مقاومة آثار العولمة وأخطارها عبر تقوية حصوننا من الداخل من خلال:
* إيجاد منهج تربوي إيجابي من شأنه أن يجعل كل فرد من أفراد الأمة الإسلامية، من حيث التقوى والصلاح، كالصخرة الصامدة التي لا تقدر حتى أشد تيارات الغزو الفكري عتوًا من أن تزحزحها ولو قيد شعره.
* برامج ثقافية تربوية واسعة من شأنها أن تشيع مفاهيم ومبادىء الإسلام بين المسلمين وتكشف أبعاد المؤامرة عليها.
والله نسأل السداد والتوفيق
مراجع البحث
1- آثار العولمة علي المرأة العربية: أمل عوض الله‏:‏، الأهرام، سنة 126، العدد 27 يناير2003 -‏24 ذو القعدة 1423 هـ.
2- الإستراتيجيات المفاهيمية للعولمة وبدائله- آثار العولمة على العالم الإسلامي: أ.د. محمد السيد سليم، موقع الإسلام على الطريق(الإنترنت) 30/03/2003م.
3- الإسلام والعولمة: مهاتير محمد، ترجمة صهيب جاسم- كوالا لمبور، موقع الإسلام على الطريق، شبكة المعلومات الدولية.
4- تحديات النظام العالمي الجديد: د.عماد الدين خليل، الاتحاد الوطني الإسلامي، العدد 25،  كانون الثاني/ يناير 2002.
5- تطور خطاب دعاة التحرر في قضية المرأة المعاصرة: غازي التـوبة، 08/07/1425هـ- 24/08/2004م. موقع لها أون لاين على شبكة المعلومات الدولية)
6- الثقافة العربية في عصر العولمة: د.عبد الفتاح أحمد الفاوي،صحيفة الأهرام 22/02/2001م.
7- خصائص التصور الإسلامي سيد قطب، دار الشروق القاهرة، 1997م.
8- دراسة حول البعد التاريخي والمعاصر لمفهوم العولمة، غازي الصوراني، إصدار منتدى الفكر الديمقراطي الفلسطيني، 2000م.
9- الدين والعولمة: الدكتور أحمد بن عثمان التويجري،من مجلة الإسلام اليوم،عدد 16، 17، السنة 17 1421هـ2000م.
10- سقوط الحضارة الغربية- رؤية من الداخل- أحمد منصور، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى 1418هـ- 1998م.
11- سير أعلام النبلاء: الذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت 1982م،1402هـ.
12-عالم واحد..مستعدون أم لا: عام1977م, موقع بوابة المركز(المركز الوطني للتوثيـق) على شبكة المعلومات الدولية(الإنترنت).
13- العرب والعولمة: الدكتور محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1998م.
14- العولمة: د. جلال أمين، دار المعارف، القاهرة 1998م - سلسلة اقرأ.
15- العولـمة أمام عالمية الشريعة الإسلامية، د. عمر الحاجي، ط1، دار المكتبي- دمشق- 1420هـ/ 1999م.
16- العولمة:الحقيقة والأبعاد، مصدر سابق. انظر مجلة المشاهد السياسي، عدد 108، 11 نيسان 1998م.   
17-العولـمة بين النظم التكنولوجية الحديثة: نعيمة شومان، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت 1418هـ- 1998م.
18- العولـمة الجديدة والمجال الحيوي للشرق الأوسط – مفاهيم عصر قادم-: سيار الجميل، الطبعة الأولى، بيروت، 1997.
19- العولمة حلقة في تطور آليات السيطرة: خالد أبو الفتوح، البيان 136.
20- العولمة من منظور إسلامي: الدكتور محسن عبد الحميد- أستاذ التربية بجامعة بغداد- انظر موقع الإسلام على الطريق، شبكة المعلومات الدولية.
21- العولمة وآليات التهميش في الثقافة الغربية: د.أحمد مجدي حجازي، وهو بحث ألقي في المؤتمر العلمي الرابع (الثقافة العربية في القرن القادم بين العولمة والخصوصية) المنعقد بجامعة فيلادلفيا في الأردن في مايو 1998م.
22- العولمة والتحدي الإعلامي: د.محمد يونس،جريدة البيان، دولة الإمارات-دبي- الأربعاء 1 رمضان 1423 هـ الموافق 6 نوفمبر 2002م.
23- العولمة والحياة الثقافية في العالم الإسلامي:الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري الإسراء، العدد43، أيلول-تشرين الأول/ سبتمبر-أكتوبر2002م، ونشرته أيضا المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة-أيسيسكو-الرياض،2002 م، وهو موجود على موقع أيسيسكو-شبكة المعلومات الدولية.
24- العولمة والهوية الثقافية والمجتمع التكنولوجي الحديث: جلال أمين، مجلة المستقبل العربي، العدد 60.
25- العولمة والعالم الإسلامي-أرقام وحقائق-:عبد سعيد عبد إسماعيل، دار الأندلس الخضراء، الطبعة الأولى 2001م.
26- فخ العولمة فخ العولمة هانس بيترمارتين، هارالد شومان ترجمة د. عدنان عباس علي، مراجعة وتقديم أ.د رمزي زكي- عالم المعرفة- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت، 238 أكتوبر تشرين الأول 1998م.
27- قضايا في الفكر المعاصر: محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية: بيروت، 1997م.
28- مجلة المستقبل العربي مركز دراسات الوحدة العربية- بيروت- العدد229، مارس 1998م.
29-مخاطر العولمة على المجتمعات العربية، أ.د مصطفى رجب، مجلة البيان-عدد- 200013/10م.
30- مستقبل الصحافة العربية في ظل العولمة - محاضرة- محمد السمّاك، مجلة (الحوادث)، عدد 2310، 2001/3/9، لندن.
31- المسلمون والعولمة:محمد قطب-بتصرف-دار الشروق، 2001م.
32- مفهوم العولمة:عمرو عبد الكريم– باحث في العلوم السياسية، موقع الإسلام على الطريق، شبكة المعلومات الدولية.
33- مفهوم العولمة وقراءة تاريخية للظاهرة: أحمد صدقي الدجاني، جريدة القدس، 6/2 /1998م.
34- مفهوم العولمة وماذا تعني؟،أ.د. يوسف القرضاوي، موقع الإسلام على الطريق، موقع البلاغ، على شبكة المعلومات الدولية
35-مقال د. محمود فهمي حجازي، مجلة الهلال، عدد مارس 2001، القاهرة.
36- مع العولمة، صحيفة الأهرام 2001م/09/16.
37- النظام العالمي الجديد، منير شفيق، الناشر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1420هـ- 1992م.
38- نظام عالمي أم سيطرة استعمارية جديدة: جمال قنان، مجلة المستقبل العربي العدد 180، فبراير 1994م.
39- نهاية التاريخ وصراع الحضارات، عبد الوهاب المسيري، ضمن مجموعة كتاب. صراع حضارات أم حوار ثقافات. منشورات منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية: القاهرة، 1997م.
40- الهيمنة أم البقاء: سعي أمريكا للسيطرة على العالم، الطبعة الأولى، 2003م، نقلا عن العولـمة بين منظورين، د. محمد امخرون، ص124، البيان، السنة 14، العدد 145، رمضان 1420، كانون 1/1999م.
41- وثيقة مؤتمر السكان والتنمية، رؤية شرعية، د.عبد الحسين سلمان جاد، كتاب الأمة 53. ونشرتها صحيفة الشعب في القاهرة بعددها 16/9/1994م
42- الوطنية في عالم بلا هوية، تحديات العولمة:د. حسين كامل بهاء الدين-دار المعارف، مصر، 2000م.





[1]- رواه أحمد في المسند 2/66، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/302 وقال رواه أحمد ورجاله ثقات.
[2]- انظر رسائله عليه الصلاة والسلام: صحيح البخاري كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الله جل ذكره إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، رقم7، 1/7-9، صحيح مسلم، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، 1772، 3/1396، مسند أحمد 1/263، تاريخ الطبري 2/295.
[3]-صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الله جل ذكره إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، رقم 328، 1/128، وروى قريبا منه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم521، 1/370.
[4]- رواه الحاكم في المستدرك 1/35، رقم 100، وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي، وذكر الهيثمي رواية أخرى في مجمع الزوائد، وهي:"إنما بعثت رحمة مهداة" ثمّ قال:رواه البزار والطبراني في الصغير والأوسط ورجال البزار رجال الصحيح، كتاب الإيمان، 8/257.
[5]- رواه الحاكم في المستدرك، رقم4625، 3/133، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وروى مثله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، رقم 4189، 2/660، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه..ورواه الترمذي عن أبي هريرة بلفظ:"ثمّ أنا سيد ولد آدم وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع".انظر سنن الترمذي:كتاب الطهارة:باب التخيير بين الأنبياء، رقم 4673،4/418.
[6]- ومن تلك الكلمات والعبارات المكتوبة على ملابس الأطفال والشباب:kiss me  : قبلنtake me  :خذني- Sow : خنزير- I’m Jewish: أنا يهودي- prostitute :عاهر- Adultery : ابن الزنا- Zion  : صهيوني

[7]- رواه أحمد في المسند 6494، 2/269، والترمذي، رقم 1922، 4/232، باب ما جاء في رحمة المسلمين، ورواه الحاكم في المستدرك، رقم 7274، 41/174، ثمّ قال:وهذه الأحاديث كلها صحيحة.  
[8]- رواه الحاكم في المستدرك رقم 100، 1/91، وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما.
[9]-رواه البخاري 2/2273، رقم5661، باب الساعي على الأرملة.
[10]- رواه مسلم، رقم 2577، 4/1994، باب تحريم الظلم.
[11]- كنز العمال 2/22. الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه الطبراني في الأوسط والبزار بنحوه إلا أنه قال:"إن أباكم واحد وإن دينكم واحد أبوكم آدم وآدم خلق من تراب" ورجال البزار رجال الصحيح.
[12]- رواه أبو داود، باب في التفاخر بالأحساب، رقم 5121، 4/332.
[13]- رواه البخاري، باب قوله وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون، رقم 4622، 4/1861، 1863.ورواه مسلم باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما، رقم 2584، 4/1998.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق